الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    دمشق قد تتعامی عن قرار الرئیس

    یتصرف الرئیس الأمیركي بطریقة غیر مسبوقة مقارنة ببقیة الرؤساء الأمیركیین، إذ لا یتورع عن توزیع المدن العربیة على من
    یرید، وكأنھا من ممتلكاته الشخصیة، فھذا ھو أمیر البر والبحر، وسلطان المدائن، ووالي العرب والروم والعجم، معا.

    من القدس التي اعترف بھا عاصمة لإسرائیل، وصولا إلى الجولان وإعلانه نیته الاعتراف بسیطرة إسرائیل علیھا، یواصل الرئیس
    إدارة السیاسة الخارجیة، ولا كأن أحدا أمامھ، ھذا فوق ان كل قراراته تخالف القوانین والقرارات الدولیة، وھو من ھذه الزاویة، لا
    یعترف أیضا، بقرارات الأمم المتحدة، التي صیغت إثر حرب 1967.

    یدخل الرئیس الأمیركي على حملة رئیس الحكومة الإسرائیلیة، وكأنھ أیضا، یدیر ھذه الحملة، فیقدم القدس، مسبقا لبنیامین نتیناھو،
    ثم قبل أسابیع من الانتخابات الإسرائیلیة، یقدم الجولان على طبق من ذھب، معلنا انھ بمثابة طرف في ھذه الانتخابات الإسرائیلیة،
    منحازا إلى نتیناھو، في وجھ منافسیھ في إسرائیل.

    إذا كانت القدس تحت الاحتلال، ولا توجد دولة فلسطینیة بالمعنى الكامل حتى تطالب بھا، فإن حالة الجولان مختلفة تماما، إذ أن
    الدولة السوریة، قائمة، برغم حالة الفوضى التي تعاني منھا، وھذا یجعل الحالة مختلفة في بعض تفاصیلھا، عن حالة القدس المعلنة عاصمة لدولة غائبة حتى الآن، ولم تقم بشكل رسمي وكامل، على أرض الواقع.

    لكن علینا أن نسأل السؤال عما سیفعله السوریون أمام ھذه الحالة، وھل سیقبلون ھذا الاعتراف الأمیركي بالجولان وقد مرت عقود
    على ھذا الاحتلال، ولم تفعل الدولة السوریة شیئا، من اجل استعادة الجولان، دون ان ننسى ھنا، ان ھناك أوراقا كثیرة، الیوم، في
    ید الدولة السوریة، اغلبھا یرتبط بوجود جماعات مسلحة، قادرة على الرد عبر جبھة الجولان، وارباك القرار الأمیركي المرتقب، مع الاخذ بالبال، حسابات دمشق الإقلیمیة، وعلاقتھا بحزب الله وإیران، ومیزان المصالح، الذي قد یولد رد فعل، وقد لا یولده أیضا،
    خصوصا إذا اكتشفت دمشق ان التعامي عن ملف الجولان، قد یساعدھا في تسویة ازمتھا العامة!

    ھذا یعني أن المراھنة على تولید رد فعل من دمشق الرسمیة، مراھنة قد تنجح، وقد لا تنجح، لان الدولة السوریة أمام أزمات
    أخطر حالیا، وھي أیضا، جزء من حسابات أوسع في الإقلیم قد تدفعھا الى التصعید، أو حتى التعامي عن ورقة الجولان، إذا كان
    ھناك ثمن یرتبط برفع السیف عن عنق الدولة السوریة الحالیة، وھذا الكلام یجب ان یقال لان الافتراض ان دمشق الرسمیة سوف
    تشعل جبھة الجولان، افراط عاطفي، لا یأخذ في حساباتھ تعقیدات الوضع السوري على أكثر من مستوى.

    معنى الكلام، ان واشنطن لم تعلن نیتھا ھذه لولا حساباتھا العمیقة أیضا، بعدم وجود موانع، وربما تستعمل واشنطن ھذه الورقة
    للمقایضة في حسابات الإقلیم، وھي حسابات تشمل اطرافا عدة، لكن بالتأكید -ودون مقایضات أصلا- فإن قدرة السوریین على
    افشال ھذه الخطوة منخفضة للغایة، أمام معاركھم الكثیرة المفتوحة داخل سوریة، من جھة، أو في معارك الإقلیم التي تمتد عبر
    العراق إلى إیران، ثم في سوریة ولبنان أیضا.

    رد فعل الأوروبیین مقدر، الذین رفضوا القرار الأمیركي، لكن الأوروبیین أیضا، یأخذون مواقفھم ولا یتبعونھا بأي خطوات لمنع
    إدارة ترمب عن ھكذا قرارات، وھذا ما شھدناه في الملف الأكثر حساسیة أي ملف القدس، وھذا یعني أن المواقف عبر البیانات لن
    تغیر شیئا من الواقع، وھذا ما سیكون أیضا في حال الإعلان عن صفقة القرن، بمعزل عن رأي الأوروبیین، الذین لا تأبھ واشنطن
    كثیرا لاعتراضاتھم السیاسیة.

    من المؤسف أن یقال ھنا استخلاصا، ان ترامب الذي تجرأ في قرار كما القدس لن یحسب أي حساب لقرار مرتبط مثل الجولان، وسیأخذه آجلا ام عاجلا، وعلینا أن نفكر مطولا في مغزى قرارات إدارة ترامب بشأن القدس والجولان، وإذا ما كانت جزءا من
    تسویات تدریجیة ما قبل صفقة القرن، وتوطئة لھا، ولرضى الإسرائیلیین أولا.





    [23-03-2019 09:51 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع