الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الأردن بین دبلوماسیین أمیرکي وروسي

    لا تعرف اذا ما كان السفیر الروسي في عمان، في تصریحاته الأخیرة لوكالة سبوتنیك، یتھم الأمیركیین بالتغول على الأردن، أو انه
    یتھم الأردن بالتبعیة للأمیركیین؟!

    التصریحات التي خرج بھا السفیر الروسي في عمان، غلیب دیسیاتنیكوف حول منع الأمیركیین مشاركة الأردن في إعادة اعمار سوریة، أو أي نشاطات تجاریة مع سوریة، جریئة من حیث توقیتھا، ومغزاھا، خصوصا، حین تأتي من دبلوماسي معتمد كسفیر في بلد یتحدث عن شؤونه الخاصة لوكالة انباء، ولا تعرف تحدیدا ماذا یقصد بتصریحاته، التي اتھم فیھا واشنطن بمنع الأردن من الاقتراب من السوریین، برغم ان ظاھرھا یبدو نقدا لواشنطن ؟.

    في كل الحالات فأن تدخل الأمیركیین في عمان، والتھدیدات السابقة من دبلوماسي أمیركي أیضا، للأردن اذا اقترب من سوریة،
    خلال لقاء مع القطاع التجاري، لیست سرا، فقد تم الحدیث عنھا مرارا خلال الأیام الماضیة، وادینت برلمانیا، ومن جھات إعلامیة
    وسیاسیة.

    اللافت للانتباه ھنا، اننا في الحالتین، وسط تصریحات حادة بین دبلوماسیین أمیركیین وروس، حول الشأن الأردني، دون أي رد فعل أردني رسمي، إزاء ما یجري على الأرض الأردنیة، من تقاذف بالمسؤولیات والاتھامات، وحدیث الطرفین عن شؤون أردنیة حساسة.
    ھي ذات الاتھامات التي تسربت أیضا، حول اعتراض واشنطن، على رغبة الأردن بإعادة تعیین سفیر اردني في دمشق، في
    سیاقات سعي الأردن لتحسین علاقاتھ مع سوریة.

    واشنطن ھي المانح الاقتصادي الأكبر الى الأردن، وھي على صلة بكل حلفاء الأردن التقلیدیین، وبھذا المعنى تتحكم او تؤثر على
    القرار في الأردن، لاعتبارات مختلفة، لیس اقلھا ان الأردن لیس لدیه بدائل، تجعلھ قادرا على التحرر من المساعدات الأمیركیة، او
    تأثیرھا على اتجاھات الأردن السیاسیة وتحالفاتھ المختلفة، بین وقت وآخر.

    على ھذا كله یمكن ان نقرأ بطریقة مختلفة، ردود فعل الأمیركیین غیر المعلنة، إزاء ترقیة العلاقات بین الأردن وتركیا، مثلا، أو
    الأردن والعراق، أو الأردن وروسیا، وھذا ما شھدناه خلال الفترة الماضیة، والأمر ینطبق على بقیة العلاقات الأردن الخارجیة،
    التي شھدت محاولات جزئیة للانفكاك من المحور الأمیركي، نحو تحسین جزئي للعلاقات مع اطراف أخرى في المنطقة، من باب
    التوازن، أو حتى الاستعداد لنتائج إعادة ترسیم الخریطة.

    اتھامات الدبلوماسي الروسي، للأمیركیین بالتدخل في الشؤون الأردنیة، عبر التأثیر الاقتصادي، وما ترافق معھا من معلومات
    كثیرة، یوجب الرد بشكل واضح من الجھات الرسمیة، خصوصا، اننا خلال اقل من أسبوعین شھدنا ھذا التراشق بین الدبلوماسیین
    الأمیركیین والروس في الأردن، بوسائل مختلفة.

    لكن السؤال الأھم یرتبط بالذي تریده واشنطن تحدیدا من الأردن، إذ ان ضغط الإدارة الأمیركیة، وتدخلھا في قضایا أردنیة، ضغط
    لا یمكن أن یكون مقبولا، حتى لو كانت واشنطن المانح الأكبر للأردن، خصوصا، ان توظیف موقع الأردن الجیوسیاسي، في
    الخریطة الإقلیمیة والدولیة، یجري بطریقة بائسة، من جانب عواصم كبرى مثل واشنطن، التي ترید معاقبة السوریین والإیرانیین،
    لكن الذین یدفعون الثمن فعلیا، ھم حلفاء واشنطن، مثل الأردن، الذي یتم خنقه اقتصادیا، وتحویله الى جسم معزول في منطقته، بدلا من انفتاحه على جواره.

    خلاصة الكلام، ان واشنطن، ترید الأردن، تابعا لھا، بالكلفة الاقتصادیة والسیاسیة، التي تقررھا الولایات المتحدة، وھي أیضا، تزج
    بالأردن في حسابات الإقلیم الأمیركیة، دون أي مراعاة لمصالح الأردن، ودون أن تتكبد كلف التوافقات الأردنیة مع واشنطن، حول
    ھذه القضایا، أي انھا ترید اغلاق العلاقات مع سوریة، ولا ترید تقدیم حل بدیل في الوقت ذاته.

    یریدون الأردن ضعیفا، في الوقت الذي لا یریدونه أن ینتھي، وبحیث یبقى تحت رحمة الأمیركیین وحدھم، فوق تحدید سقوف
    الأردن السیاسیة المتعلقة بجواره التاریخي، سواء في العراق، أو سوریة، أو حتى مع الفلسطینیین، وھذا اخطر ما قد نواجھھ، أي
    معاكسة عقارب ساعة المنطقة التي ننتمي الیھا، على عكس رغبة الغالبیة العظمى.





    [16-03-2019 09:35 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع