الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الجدل حول التعیینات

    أثارت وجبة التعیینات الأخیرة والتنسیب بتعیین وزیرة سابقة لمنصب سفیر جدلا كبیرا في الشارع الأردني الذي بات یتوجس من
    كل خطوة تقوم بھا الحكومة. طبعا، من حق كل أردني أن یحصل على فرصة عمل سواء في القطاع العام أو الخاص، لكن ھناك
    معاییر ینبغي أن تحترم.

    الوزیرة لینا عناب قدمت استقالتھا أو طلب منھا أن تقدم استقالتھا على خلفیة حادثة البحر المیت التي راح ضحیتھا عشرات
    الأطفال، وفھم الشارع الأردني في ذلك الوقت أن تقصیرا ما شاب عملھا وعمل وزیر التربیة والتعلیم ما أدى إلى الإطاحة بھما.
    الملك في غیر مناسبة یؤكد على أن البقاء للأصلح، وأن المسؤول الذي یقصر في عملھ یحاسب. بالمقابل حكومة الرزاز تفھم كلام
    الملك بالعكس وتقوم بالتنسیب بتعیین وزیرة سابقة لمنصب سفیر. ھناك أیضا بعد سیاسي، فالإصرار على تعیین من قصروا بعملھم
    من المسؤولین یبعث برسالة واضحة بأن كل الكلام الذي نسمعھ عن الإصلاحات ھو كلام للاستھلاك المحلي وھذا بدوره یساھم في حالة الاحباط العامة التي تسود البلاد.

    في حالة الوزیرة لینا عناب – وبعیدا عن حادثة البحر المیت – كنت قد استمعت إلى تقییمات مختلفة، فھناك فریق في أعلى الھرم السیاسي یصر على أن الوزیرة ھي الأفضل أداء وأن مستویات علیا لم تكن راضیة عن الاطاحة بھا، فأرقام السیاحة في عھدھا
    تحسنت. بالمقابل استمعت إلى تقییم آخر بأن المسؤول عن تنشیط السیاحة ھما مدیر ھیئة تنشیط السیاحة عبدالرزاق عربیات الذي
    بذل جھدا خرافیا في السنوات الأخیرة وتلقى دعما مالیا كبیرا من حكومة عبدالله النسور لتنشیط السیاحة. لذلك ینسب ھذا الفریق
    الفضل في تحسن أداء القطاع السیاحي إلى حكومة عبدالله النسور والمدیر النشط عبدالرزاق عربیات.

    تسریب وثائق التعیینات الأخیرة لعدد من الشباب كشف عن البنیة الذھنیة التي تستخف بالمواطن الأردني بشكل عام، فالرواتب وفي القطاع العام لعدد ممن لا توجد عندھم أي خبرات أو مؤھلات ممیزة كانت فلكیة قیاسا بالمعدل العام لرواتب الموظفین في
    الحكومة. یأتي ھذا التسریب – الذي ربما یستھدف حكومة الرزاز – في وقت تخفق فیھ الحكومة في التعاطي مع أزمة المتعطلین
    عن العمل والمعتصمین في أماكن حساسة في عمان. لا نعرف حقیقة موقف رئیس الحكومة، ففي بعض الأحیان تتم التعیینات إلا أنه یتردد في اللحظة الأخیرة تحسبا لردات فعل الشارع لیقوم بعدھا بتجمید أو وقف ھذه التعیینات!

    أنصار الرزاز – على قلتھم – یتحدثون عن قوى نافذة تستھدف الحكومة، والرزاز بھذا المعنى ینبغي أن یستمر بمشروعھ على
    اعتبار أن لدیھ مشروعا ومعاییر للحكم على مشاریعھ. والحدیث عن قوى تستھدف الحكومة ھو أسطوانة مشروخة سمعناھا كثیرا
    في السابق وفي عھد أكثر من حكومة. ولغایة ھذه اللحظة یخفق أنصار الرزاز من الإجابة على سر عدم تمكن حكومة الرزاز من
    ملامسة احتیاجات المواطن العادي ومحاربة ثالوث القھر (البطالة والفقر والتضخم).

    بتقدیري أن الجھة الوحیدة التي تدعم الرزاز ھي صندوق النقد الدولي، أما شعبیا فقد رفع عن حكومتھ الغطاء وما التعیینات
    الأخیرة وما صاحبھا من سخط الشارع إلا دلیل واضح على الفجوة الكبیرة بین الحكومة والناس.

    وفي ھذا السیاق یتعین على رئیس الحكومة أن یأخذ بعین الاعتبار أن المسألة تجاوزت قضیة البقاء السیاسي لھذه الحكومة، فمتطلبات الأمن الوطني الأردني تستلزم
    عدم استفزاز الشارع بقرارات خاطئة وغیر مدروسة أو بتصریحات تصدر من ھنا أو ھناك من شأنھا أن تصب الزیت على النار.

    بكلمة، كشف الجدل الدائر حول التعیینات الأخیرة والتنسیب بتعیین وزیرة سابقة لمنصب سفیر عن حالة من الاحباط وعدم الثقة
    بالحكومة. ھل من مصلحة الأردن أن یستمر ھذا التجاھل لمشاعر الأردنیین؟!





    [09-03-2019 10:06 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع