الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    تعليم جامعي مجاني .. لم لا؟

    جدد وزير التربية والتعليم والتعليم العالي د. وليد المعاني في لقاء صحفي له الأسبوع الماضي، طرح اقتراح سابق له، بالوصول الى مجانية التعليم العالي والدراسة في الجامعات الأردنية الرسمية للأردنيين، من خلال فرض رسوم على مادة البنزين او السجائر تخصص ضمن صندوق خاص يوفر تعليما مجانيا لكل من يحصل على مقعد جامعي ضمن قائمة القبول الموحد.

    قد تبدو الفكرة كبيرة نوعا ما، ودونها بلا شك جبل من عدم الثقة الشعبية بحسن ادارة الحكومات لمثل هذا الصندوق والخشية من التفافها مستقبلا على موجوداته وتخصيصها لجوانب انفاق عامة أخرى، لكن بعد أن تكون قد ألبست المواطن ضريبة أو رسما جديدا، وهو الذي طفح كيله من حجم الضرائب والرسوم التي أكلت الأخضر واليابس.

    مع ذلك؛ فإن الفكرة او المقترح الذي يعيد طرحه الوزير المعاني مرة أخرى، فكرة مهمة تستحق الدراسة، بل والسير سريعا في بحثها من جميع الجوانب، مع الالتفات طبعا للتحفظات والتحسبات التي ورد ذكرها والعمل على مواجهتها باجراءات محكمة وشفافة تضمن استمرار الصندوق ودوام المشروع بل وتعزيزه من كل الجوانب، لتأمين الطلبة الأردنيين بالتعليم الجامعي المجاني، لمرحلة البكالوريوس أساسا، ووفق أسس من العدالة والاستحقاق.

    لم يعد خافيا أن التعليم والدراسة الجامعية باتت حملا ثقيلا على العائلات الأردنية من أغلب الشرائح الاجتماعية، خاصة في ظل تزايد الأعباء المعيشية وتآكل الدخول، وفي سبيلها يضطر الكثيرون إلى الاستدانة والاقتراض وأحيانا بيع الأموال غير المنقولة إن توفرت، ما يعني أن توفير التعليم المجاني بالجامعات الرسمية لعشرات آلاف الأردنيين سنويا، مشروع وطني مجد ومهم ويستحق حشد الرأي العام خلفه، بل وسيعد انجازا لاي حكومة يمكن ان تقدم عليه وتخرجه الى حيز الوجود.

    فكرة فرض رسم على البنزين او السجائر، رغم أنها ترفع العبء الضريبي على المواطن بالمحصلة، إلا أنها في هذا السياق تضحية بسيطة وتكاد لا تذكر مقابل تأمين الطلبة الأردنيين من شرائح الفقراء ومحدودي الدخل ومتوسطيه بتعليم جامعي مجاني، لا يثقل على موازنة العائلة الأردنية التي تعتبر التعليم الجامعي للأبناء أحد أولوياتها الرئيسية.

    وفيما يتعلق ببعض التحسبات والخشية من تراجع حكومات لاحقة عن المشروع والاستحواذ على ما يجمع من ضرائب ورسوم لهذا الصندوق، فان الوزير المعاني ذاته، اقترح مبدئيا أن يُؤسس صندوق مستقل لهذه الغاية، وان يرأسه مثلا- نائب المحافظ المركزي، وعضوية نواب رؤساء الجامعات الرسمية وان يتم النص بقانونه على الا ينفق أي مبلغ من هذا الصندوق إلا على الجامعات والتعليم المجاني.

    طبعا؛ هذه أفكار أولية أو هي مداخل للبحث والدراسة، ويمكن للخبراء والمعنيين والاقتصاديين تقديم رؤية متكاملة ومدروسة لايجاد هذا الصندوق والتأسيس للتعليم المجاني بالجامعات، هذا إن توفرت الإرادة والرغبة لدى المسؤول السياسي لتقديم ما ينفع الناس ويمكث بالأرض، وهي بلا شك ستكون خطوة كبيرة تحسب للمسؤول الذي يقدم عليها ويعمل على إنجاحها، وهي أيضا فكرة وطنية وعامة قابلة لحشد الرأي العام ودعمه لها.

    أخيرا؛ فإن هذا المشروع الطموح والقابل للتطبيق، لا ينفصل، طبعا، عن باقي ملفات وأوجه الإصلاح الأخرى بقطاع التعليم العالي والمدرسي، وضرورة تجويد مخرجات العملية التعليمية بشقيها المدرسية والعليا، والتركيز على التخصصات التي يطلبها السوق وتطوره، ونوعية التعليم وضبطها.





    [04-03-2019 09:41 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع