الرئيسية صوتنا

شارك من خلال الواتس اب
    غرقنا .. من مقدمة ابن خلدون إلى مؤخرة حليمة والمعشر خائف
    وسط البلد - عدسة أحداث اليوم

    أحداث اليوم -

     محمود الشرعان - عمّان

    تفاجئ الأردنيون بعد إزاحتهم لحكومة هاني الملقي في رمضان عام 2018، من رئيس حكومة يقتبس من مقدمة ابن خلدون، الأمر الذي لم نعتد عليه من قبل، أثناء إلقاء الرئيس عمر الرزاز خطابه الوزاري تحت قبة مجلس النواب.

    الرزاز الذي فاجئ الأردنيين بخطبة عصماء أمام النواب، قال "المُلكُ بالجُندِ، والجُندُ بالمالِ، والمالُ بالخَراجِ، والخراجُ بالعمارةِ، والعمارةُ بالعدلِ"، إلا أنه لم يكمل واكتفى بهذا الاقتباس.

    اكتفاء الرئيس بالشق الأول من الجملة، أثار أيضا الاستغراب فهي الأهم، إذ يأتي فيها"والعدل بإصلاح العمّال وإصلاح العمّال باستقامة الوزراء ورأس الكلّ بافتقاد الملك حال رعيّته بنفسه واقتداره على تأديبها حتّى يملكها ولا تملكه".

    اقرأ أيضًا: العناني: قانون ضريبة الدخل وراء خسائر البورصة

    بعد تسعة أشهر من عمر حكومة "النهضة" لم يحصد الشارع الأردني غير مزيد من الضرائب المعسولة، قانون ضريبة الدخل أقر، وحصلنا على أكبر قرض بتاريخ المملكة، وعفو عام "مخصص"، وركود اقتصادي مخيف، و قرارات متخبطة.

    حكومة النهضة لم تنهض بنا، فنحن مثل العام الماضي والذي قبله ومثل 2014، لا شيء جديد، لا إصلاحات سياسية أو اقتصادية، لازلنا نعاني من الأزمة منذ عقد وأكثر.

    "من مقدمة ابن خلدون إلى مؤخرة حليمة"

    بالمناسبة النهضة مجملًا، لا تتطلب أن تتكلف الحكومة بمبالغ مالية للاحتفالات الوطنية، فهذه المظاهر اختفت في الدول التي نهضت، وبحجم دهشة اقتباس الرزاز من مقدمة ابن خلدون استغرب واستهجن الشارع تكريم المذيعة حليمة بولند وأخريات.

    فكنا في مقدمة ابن خلدون "المجتزئة"، بخطاب الرئيس، لنصبح في مؤخرة حليمة بولند، التي غادرت البلاد وهي تبكي. يا سيدتي: نحن فقراء منذ زمن، وقرار رئيس حكومتنا بصرف مبلغ 25 ألف دينار، هو من جيوبنا وضرائبنا، لذلك سامحينا إذ اعترضنا على تكريمك.

    اقرأ أيضًا: ما رأي الأردنيين بتكريم حليمة بولند؟

    الرزاز صاحب كاريزما ابن خلدون، وافق على الحفل - حسب الكتاب المسرب من أمانة عمان- ، وأكاد أجزم بأن رجل الحكومة الأول لم يستطع أن يمشي عكس التيار أو يقف بوجهه، فخسر إرث والده، والأهم من ذلك التجربة المريرة للتيار الليبرالي الجديد، الذين زعموا بأن الرئيس يمثلهم.

    عطلة بالإجازة!

    اليوم وبعد عِشرة بسيطة مع الحكومة، يبدو واضحا للجميع، أن الخلافات اتسعت بين رجليها الأول والثاني، الرئيس ونائبه، الذي قاد الحكومة خلال تواجد الرزاز في مؤتمر لندن، وعجز عن اتخاذ قرار بتعطيل المؤسسات الحكومية والخاصة الخميس الماضي، إلا بعد فوات الأوان.

    الخميس، وأثناء ذروة المنخفض اتخدت الحكومة برئاسة المعشر قرارًا بتعطيل "الشعب"، الساعة 2 ظهرًا، أي قرابة انتهاء الدوام الفعلي، مما سبب إرباكًا حقيقيًّا لدى الشارع، فأصبحنا بإجازةٍ في العطلة!.

    اقرأ أيضًا: ما قانونيّة رفض القطاع الخاص للعطلة الرسميّة؟

    خوفا من القطاع الخاص الذي يشتكي من كثرة العطل، الحكومة لم تستطع اتخاذ القرار في الوقت المناسب، فأنى لها أن تقودنا نحو النهضة المزعومة والعقد الاجتماعي، ونحن نغرق في شوارع عمان؟!.

    عمان تغرق

    الخميس مساءً، وبعد عطلة الحكومة، غرقت عمان، ولم تكن المرة الأولى، إذ تكررت خلال السنوات الأربع الأخيرة، ومن المثير للسخريّة أن أمين الأمانة يوسف الشواربة كان في مؤتمر لندن يتحدث عن البنیة التحتیة للعاصمة قائلًا إنها "لیست خطة عشوائیة، ومبنیة على استراتیجیة طویلة المدى".

    ربما التوقيت لم يخدم الأمين، أو أن المنخفض كشف لنا المستور بأننا أمام ترهل مكدس في شوارعنا ومناهلنا، وبالتأكيد لا يمكننا تجاهل حجم الهطول المطري الكبير، بيد أنه يحق لتجار البلد السؤال "أين الأمانة والأمين؟".

    يكون الجواب كالتالي؛ الأمانة لا نعرف أين هي من المنخفض، والأمين في لندن، وطلب منه الرئيس العودة للعاصمة، ولم يستطع ذلك، حسب المعلومات.

    اقرأ أيضًا: الشواربة من لندن: بنية عمان ليست عشوائية

    وعلى الرغم من عودته على نفس طائرة الرزاز التي وصلت المملكة الجمعة، لم يكلف نفسه مرافقة الرئيس في جولته بوسط البلد، لتفقد التجار.

    بالمحصلة، وبعد حصاد مرير من الأحداث خلال الـ72 ساعة الأخيرة في البلد، يبدو أن الغطاء انكشف عن الجميع، ليس عن الحكومة فقط، فقضيتنا أكبر من اقتصاد وأعمق من سياسية، ثمة ثقة غائبة عن الجميع.





    [02-03-2019 03:13 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع