الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    صالح عربيات .. أوجعتني!

    عندما رأيت صورة الأخ الحبيب والكاتب الساخر صالح عربيات مساء الأول من أمس تحتل المواقع الإخبارية اعتقدت أن مقالاً خارقاً جديداً قد أطلقه "أبو عرب" من منصّة قلمه ليقصف به جبهة الفساد والحيتان، قرأت العنوان الذي يرافق الصورة ..كلمة "وفاة" أربكتني، لم أصدق الحروف الأربعة، فتحت هاتفي النقال بسرعة لأرى آخر ظهور لصالح عربيات كانت الساعة 4:52 مساء اتصلت بأكثر من صديق فأكدوا الرحيل المتعجّل.. بكيت رفيق السطر والكلمة وكررت فتح التطبيق بجنون مبالغ فيه علّه يستفيق أو ينفي أو يرسل نكتة كما كان يفعل معي لكن الظهور الأخير لم يتغيّر..

    أوجعني رحيلك يا صالح.. أوجعني هذا الاستعجال في تركنا..أوجعني ظهورك الأخير لأن لدينا أحلاماً لم تكتمل بعد، ومشاريع لم تكتمل بعد، ونميمة لم تكتمل بعد.. أوجعني رحيلك يا صالح، لأننا كنا نناضل ونستقرض الرصاص والمفردات من بعضنا البعض لنكمل حربنا على الطارئين وسراق الوطن، كنا نحلم أن نمشّط غرة الوطن بأقلامنا، أن نرى تحسّناً ولو طفيفاً على مستقبل أولادنا.. أن ننام على وسادة التغيير، وأن نصحو على وطن أجمل..أوجعني رحيلك يا صالح.. لأن كتفك لم تسترح لحظة من حمل البندقية، وكنت من القلائل الذين صمدوا على جبهة السخرية والمواقف الوطنية، فما تغيّروا وما أَسِنَ طعمُ حبرهم، كنت "شاهدنا" الذي يضغط على الزناد، والمنحاز دوماً للبسطاء والفقراء والباحثين عن "كسرة خبز" أو "كسرة وطن".. جُلّ الرفاق تغيّروا يا رفيق، هادنوا وظفروا بالكرسي، كتبوا مع الريح فحملتهم الى المناصب، وأنت يا صديقي كتبت عكس الريح وسبحت ضدّ التيار فظفرت بمحبّة الناس وقلوب الفقراء وسرير المرض..

    نحن الساخرون لا نعمّر طويلاً.. هذا قدرنا، نستنزّف كل حبر الحياة في وجعنا، فتُرهق أرواحنا وتُزهق ضحكاتنا باكراً، محمد طملية لم يكمل الخمسين من عمره عندما نزل عن رصيف الحياة، وها أنت في ربيع الأربعين تغادر، ولا ندري متى سنلتحق بكم..

    نعاهدك يا صالح الا نخذلك وألا ننساك، وسنبقى المقاتلين المدافعين عن رغيف الفقير وكرامة الوطن ما دام في سراج العمر من زيت الكفاح.. وسنبقى كما كنت تشتهي، ابتسامة نصر لا هزيمة، فالسخرية لا تموت!!..

    الى لقاء..





    [28-02-2019 01:01 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع