الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    سیاسة ”طعمیني الیوم وجوعني بکرة“!

    ”طعمیني الیوم.. وجوعني بكرة“.. مثل شعبي أردني أو عربي یلح كثیرا على تفكیري، كلما دخلنا في نقاش حول تعمق الأزمات الاقتصادیة والمعیشیة، ولاحقا السیاسیة والاجتماعیة، في بلدنا، حتى بات المراقب لا یعرف كیف یمكن الیوم لحكومة، أي حكومة، أن تكون قادرة على انتشال الوضع العام من ھذه الأزمات المركبة سریعا، وسحب فتیل المشاكل الاجتماعیة والسیاسیة المتناسلة والضاغطة على عصب الجمیع، دولة ومواطنین!

    وعلى اعتبار أننا مواطنون أو مراقبون أو حتى معارضون فقط، لم ولا نملك القرار عن السیاسات العامة التي أوصلتنا، او على الأقل اسھمت بوصولنا، إلى ھذا الوضع المعقد من الأزمات المعیشیة والاقتصادیة، فلیس أمامنا إلا التحلیل وقراءة الأسباب التي قادت إلى ھذا الواقع المریر، فیحضر ھنا المثل الشعبي ”طعمیني الیوم.. وجوعني بكرة“، لیمثل لسان حال
    سیاسات الحكومات المتعاقبة ونھجھا الاقتصادي، الذي یعاند كل نظریات الاقتصاد والسیاسة، والذي اوصلنا الیوم الى تفاقم خطر لمشكلة البطالة وتراجع النمو وارتفاع كلف الانتاج واتساع رقعة الفقر وحدتھ، ناھیك عن باقي المؤشرات المالیة الرئیسیة من عجز موازنة ومدیونیة عامة.

    كل القرارات الاقتصادیة والمالیة القاسیة، من فرض للضرائب والرسوم او زیادتھا وتحریر اسعار السلع والخدمات ورفع الدعم عن سلع أساسیة، كلھا اتخذتھا وراكمتھا الحكومات المتعاقبة على مدى العقدین أو الثلاثة الماضیة تحت شعار وھدف مركزي معلن، ھو الوصول إلى مرحلة الاعتماد على الذات وازالة التشوھات في الاقتصاد الوطني والموازنة العامة والانطلاق نحو النمو والانتعاش.

    طبعا؛ ھذا الشعار والھدف المركزي الذي رفعتھ الحكومات لم یطبق على ارض الواقع، بل كان النھج الاقتصادي والسیاسات العامة تصب عملیا في غیر ھذا الھدف، حیث یزداد الانفاق ویتضاعف باضطراد لا یجاري ما تجنیھ الدولة من ایرادات، وتضخم الجھاز العام مع توسع المحسوبیات والاسترضاء السیاسي والترھل وتھربا من قبل الحكومات والسیاسیین من مسؤولیاتھم، بینما حورب القطاع الخاص عملیا والذي یفترض بھ ان یحل محل القطاع العام في قیادة النمو الاقتصادي والتشغیل ومواجھة البطالة، حیث اثقل كاھلھ بالضرائب والرسوم ورفع كلف الانتاج لتحقیق الایرادات السریعة للخزینة لسد العجز الناتج عن التوسع بالانفاق، في سیاسة قصیرة النظر.

    لذلك؛ فإن المثل الشعبي المذكور ھو ما طبقتھ الحكومات المتعاقبة، حیث لم یتجاوز مدى رؤیة السیاسي أبعد من أرنبة أنفھ، وھو یتخذ القرارات والسیاسات، مرحلا الازمات وتاركا إیاھا لتتفاقم حتى انفجرت الیوم بكل قساوة، بطالة وفقرا وتراجعا للنمو وازمة طاحنة تضرب القطاع الخاص بمختلف تنوعاتھ، حتى لم یعد قادرا على الصمود والاستمرار ناھیك عن القدرة على تولید فرص العمل والتشغیل.

    ما جرى معنا، أنھ بعد كل الشد على الاحزمة وتحمل جبل الضرائب والرسوم وتحریر الاسعار ورفع كلف المعیشة وتحمیل القطاعات الانتاجیة والتجاریة والخدمیة لأعباء ضخمة، لم نصل الى مرحلة التعافي وتحقیق الشعار الموعود بالانفراجة وقطف ثمرات ”الاصلاح الاقتصادي“، فلا مدیونیة عولجت او سیطر علیھا، ولا عجزا انتھى، ولا نموا تحقق، ولا التشوھات الھیكلیة في الاقتصاد الوطني عولجت.. فجاء ”بكرة وجعنا“!





    [25-02-2019 01:39 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع