الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    هل سیزور رئیس الوزراء دمشق؟

    قبل سنوات، وعلى العشاء، في بیت رئیس الوزراء، آنذاك، د. عبدالله النسور، وكنا ثلة من الكتاب الصحفیین، رد النسور على سؤال حول السر وراء استمرار شكوى الأردن من تدفق الاشقاء السوریین، وكلفة إدارة وجودھم مالیا، وفي الوقت ذاتھ عدم اغلاق الحدود ومواصلة السماح لھم بالدخول برغم الشكوى مما وصل الیھ الحال.

    یومھا قال النسور إن الأردن وبسبب ظروف عدیدة، من بینھا نظرة المجتمع الدولي إلیھ، والاتفاقات العالمیة المتعلقة بحقوق الإنسان وضحایا الحروب والأزمات، لا یمكنھ إغلاق الحدود، ھذا فوق البعد الإنساني المرتبط بكونھم أشقاء عربا یفرون من ظروف صعبة، ویستحیل ان یتم تركھم لھذه الظروف التي یعرفھا الجمیع في سوریة الذبیحة.

    ھذا كان أحد التفسیرات التي تبنتھا حكومات متتالیة إزاء الملف السوري، وفي وقت لاحق تغیر الموقف الأردني، حتى سمعنا قبل یومین وزیر الخارجیة ایمن الصفدي یتحدث عن أن الأردن لم یعد لدیھ طاقة استیعابیة، لاستقبال مزید من الاشقاء السوریین.

    اللافت للانتباه في الأردن الیوم أن الازمة باتت مزمنة، أي أن عودة السوریین لا تجري كما كان متوقعا، وأرقام العائدین منخفضة جدا، ورئیس الوزراء د. عمر الرزاز یعلن صراحة أن أغلب السوریین لن یعودوا، وان علینا أن نتكیف مع كلفة وجودھم، وقد أعلن ذلك جھارا نھارا خلال اشھار خطة الاستجابة الأردنیة للأزمة السوریة 2019 ،التي طالب لحظتھا المجتمع الدولي دعم الأردن مالیا، من اجل الانفاق على وجود الاشقاء.

    في كل الحالات، تصریحات رئیس الحكومة التي تأتي قبل مؤتمر لندن واضحة الغایات، فھي ترید حض دول كثیرة في العالم، على مساعدة الأردن مالیا للتعامل مع كلفة وحیاة الكتلة السوریة في الأردن، والواضح أن الأردن لا ینزع للضغط على أحد للعودة الى سوریة، خصوصا ان ردود الفعل إذا تم الضغط ستكون سیئة جدا من جانب عواصم العالم.

    علینا أن نعترف أن الأردن تحول إلى حاضنة، للسوریین السنة ، وتحدیدا مناطق جنوب سوریة ودمشق وحمص وبعض المناطق، وھذا التحول سوف یصبح حالة دائمة، لان أغلب السوریین مثلا لن یعودوا لمخاوفھم من النظام، ومن عملیات الثأر، أو بسبب عدم وجود وظائف، أو بسبب ھدم بیوتھم كلیا أو جزئیا، ھذا فوق ان أغلب العائلات السوریة في الأردن، لدیھا أجیال ولدت ھنا وتأقلمت مع حیاة الأردن، ولكنھا باتت تكتسب من اللكنة الأردنیة، ھذا فوق الاشتباك
    الاقتصادي في العائلات مع الواقع الجدید.

    بقاء السوریین في الأردن سوف یتواصل حتى لو توقفت الحرب كلیا، لان السوریین لن یأمنوا على عائلاتھم من بیئة الثأر بعد الحرب، ھذا فوق احساسھم ان ھناك تغیرات دیموغرافیة في سوریة اخلت بالتركیبة السكانیة المذھبیة-الاجتماعیة.
    دمشق الرسمیة، تبدو المستفید الأول والأخیر، من بقاء ملایین السوریین خارج سوریة، لصالح خریطة مذھبیة-اجتماعیة جدیدة، ونحن ھنا، للأسف لا نحمل دمشق أي مسؤولیة تجاه مواطنیھا، بل نسعى لجمع الملایین، بذریعة وجود السوریین، فیما نحن عملیا، ودون قصد، ندعم مخطط الدیموغرافیا السوریة الجدیدة بطبعتھا الممتدة.

    لو كانت النیة متوفرة بحق لحل مشكلة اللجوء السوري، لصحونا على خبر وجود رئیس الوزراء في دمشق، إذ بدون التسویة المباشرة مع دمشق الرسمیة، لن یعود أغلب ھؤلاء. وھنا یأتي السؤال العالق: ایھما افضل، البحث عن تمویل إضافي دعما لتوأم الدم في عیشھم المستدام ھنا، ام تسویة أزمة اللجوء مع دمشق الرسمیة باعتبارھا تتحمل مسؤولیة مواطنیھا، أولا واخیر والسؤال مفرود للإجابة.





    [23-02-2019 08:34 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع