الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    أزمة سیاسات لا سیاسة

    ھل ثمة مخرج سیاسي للأزمة الاقتصادیة التي تواجھنا حالیا؟

    الجواب بنعم یستند على خطاب نظري وتنظیري ولا یقدم دلیلا مقنعا بوجود برامج بدیلة خارج الصندوق. الأزمة في الجوھر اقتصادیة نجمت عن تفاعل ظروف داخلیة وخارجیة شدیدة التعقید، تراكمت على مدار سنوات طویلة، وبلغت ذروتھا في الأعوام الأخیرة جراء الظروف الإقلیمیة من حولنا.

    الحل لیس سیاسیا بالمعنى النظري، بل في مراجعة السیاسات التي تحكم عمل القطاعات المعنیة. منذ سنوات سابقة خلصنا إلى استنتاج قاطع بأن الدولة لم تعد المشغل الرئیسي، وأن القطاع الخاص ھو محرك العملیة الاقتصادیة والتنمویة، وشرعنا في معالجات جذریة للتشریعات الناظمة والاستراتیجیات التي تنظم العلاقة بین القطاعین العام والخاص، لكننا في كل مرة كنا نقف في منتصف الطریق أو نتعثر في التطبیق، ونخضع لمساومات قوى تقلیدیة لا ترید التخلي عن مصادر نفوذھا.

    قبل نحو عشر سنوات رد مجلس النواب مشروع قانون لإنشاء كلیات مھنیة وتقنیة، وظل التعلیم الجامعي یسیر على نفس المنوال المدمر. ومؤخرا لم تتمكن حكومة الرزاز من تمریر تشریع في مجلس النواب لدمج مؤسسات معنیة بالتدریب المھني لمواكبة متطلبات استراتیجیة تنمیة الموارد البشریة. وقبل ذلك ومن بعد أخفقت الحكومات المتعاقبة في تبني سیاسات فعالة لمعالجة تدفق العمالة الوافدة، وإحلال العمالة الوطنیة، حتى صار عدد العمال الأجانب في السوق الأردني یفوق عدد الأردنیین.

    وحتى وقت قریب لم نفلح في إقرار سیاسة ناجزة لتشجیع الاستثمار وتسھیل مھمة المستثمرین، وتقلبنا بین عدة نماذج إداریة وبرامج تنفیذیة، وظل الانطباع السائد عن الأردن بأنھ بلد طارد للاستثمارات الأجنبیة.

    في كل نشاط استثماري أو شراكة مع القطاع الخاص أقدم علیھا صندوق الاستثمارات التابع للضمان الاجتماعي، لاحقناه بالاتھامات وأشبعنا المؤسسة تشكیكا بتبذیر أموال الأردنیین. معظم المسؤولین الذین تعاقبوا على وزارات وملفات اقتصادیة، غیر مقتنعین أبدا بنجاعة السیاسات المتبعة، ویعتقدون أن كل ما یقال عن شراكة بین القطاعین مجرد حبر على ورق. لم ندخر جھدا في محاربة فكرة المناطق الصناعیة المؤھلة، والیوم نسیر ”الجاھات“ لإقناع المستثمرین الأجانب في الكرك والطفیلة والشوبك للإبقاء على مصانعھم مفتوحة، لا بل ونرجوھم فتح فروع استثماریة في عدید المناطق لتشغیل المتعطلین عن العمل. لقد تطلب منا الأمر 20 سنة لنقتنع بجدوى ھذه الاستثمارات وأثرھا الإیجابي بخلق وظائف للأردنیین.

    خطة الحكومة الحالیة لتوفیر 30 ألف فرصة عمل إضافیة خلال عامین، تعتمد حصرا على القطاع الخاص، ولا أحد سواه. ماذا قدمنا للقطاعات المستھدفة من تسھیلات كي تتمكن الحكومة من الوفاء بوعودھا نھایة العام 2019؟ في العقل الباطني لكثیرین منا نظرة للمستثمر الأجنبي بوصفھ مستعمرا، یرید نھب الأرض والموارد، ولھذا تجدنا نمیل بشدة لمعارضة تقدیم أراضي الدولة لإقامة مشاریع استثماریة أو تملك الأجانب لعقارات أو شركات أردنیة. قصة الشراكة لبناء مطار الملكة علیاء مثال صارخ على ھذه العقلیة، وكذلك الاستثمارات السیاحیة في العقبة، وحكایة بیع أراضي میناء العقبة القدیم.

    دعونا من السیاسة، فأزمتنا تكمن في إصلاح السیاسات المتعلقة بالتعلیم والتشغیل والاستثمار.





    [23-02-2019 08:29 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع