الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الصلح خير من المحاكم

    خلق الله بني آدم مختلفين في المواصفات الخُلُقِية والخَلْقِية والقدرات العقلية، الفهم، الذوق، الإستيعاب، والتمييز بين الأمور وإمكانية حل المشاكل (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ(هود: 118)). فإختلاف البشر على المصالح الشخصية سواء أكانت ماليه، أرض، إرث أوعلى زواج من فتاة ... إلخ موجوده منذ بداية هذا الكون وستستمر هذه الخلافات حتى يرث الله الأرض وما عليها، وذلك لأن البشر أغلبهم نفوسهم أماره بالسوء، وتحب ذاتها من كل النواحي كما ذكرنا سابقاً. ولهذا السبب وقعت الحروب بين القبائل على الماء والكلآ ووقعت الإعتداءات الفردية بين أفراد العشائر مما أدى إلى تأسيس الحكم العشائري والذي مستمر حتى يومنا هذا، ولكن ليس بالقوة والتأثير الذي كان سابقاً. ومع إزدياد عدد سكان كل دولة في عالمنا بشكل كبير ومع تطور التكنولوجيا وأساليب الحياة وتعقيداتها. ظهرت مشاكل جديده وحديثة بين البشر لم يكن لدى الحكم العشائري خبرةً بها. وقد أدى ذلك إلى تأسيس المحاكم بمختلف مستوياتها وتخصصاتها ومنها محاكم البداية والإستئناف والتمييز ... إلخ من المحاكم المختصة الأخرى. وبدأت الجامعات بتأسيس برامج مختلفه لتدريس القانون في كليات الحقوق لتواكب تطورات العصر ويتخرج منها المحامون والذين فيما بعد يصبحون قضاة.

    وقد ذكر لنا الله في كتابه العزيز أنه سيكون هناك في الحياة الدنيا محاكم وقضاة ومحامون (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا(النساء: 135)). فما أجمل هذه الآية التي يتجلى فيها أسمى آيات العدل والإنصاف في الحكم بين الناس على أنفسهم أو الوالدين والأقربون. ولكن السؤال: هل يتم العدل والإنصاف كما ذكره الله في هذه الآية؟ّ!، كثير من الناس يقولون لا وألف لا. إن مهنة القضاء من أشرف المهن في التاريخ الإسلامي وكان دائماً ولاة الأمور يعتنون جيدًا بتعيين الأصلح والأعلم والأتقى في هذه المهنة نظراُ لخطورتها وما يمكن أن يحدث من مخاطر في حال عدم تولي من يصلح لهذا المنصب. قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: القضاة ثلاثة قاضيان في النار، وقاض في الجنة، قاضٍ قضى بالهوى فهو في النار، وقاض قضى بغير علم فهو في النار، وقاض قضى بالحق فهو في الجنة. وقال تعالى (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ(البقرة: 188)).

    فنطالب الناس أجمعين أن يأخذوا بما جاء في الآية المذكورة رقم 188 من سورة البقرة ويسلكوا سبيل الإصلاح فيما بينهم والصلح سيَّد الأحكام. وأن لا يلجأوا في خلافاتهم إلى المحاكم إلا إذا إشطروا إليها، لأن المحاكم تأخذ وقت ومال كبيرين ويعتمد أخذ الحقوق فيها على مهارة وخبرة المحامي في دفاعه عن موكله وعلى الأدلة والبراهين التي يقدمها للقضاة. وربما يؤدي ذلك إلى هضم الحقوق بين الناس وعن أُمِّ سَلَمةَ رضي اللَّه عنها: أَنَّ رَسُول اللَّه ﷺ قَالَ:: إِنَّمَا أَنَا بشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ؛ فأَقْضِي لَهُ بِنحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بحَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ مُتَّفَقٌ عَلَيه.





    [17-02-2019 09:20 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع