الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الحصان المريض

    لأنه من الصعب أن يباع واقفاً..قرّروا بيعه لحماً..صحيح أن الثمن أقل بكثير من قيمته الفعلية، لكن في نهاية المطاف هو ثمن يُقبض...لذا وضعوا له السمّ في الماء في غفلة منه وتركوه يترنّح..

    حضر أهل الحي عندما أدركوا مرض الحصان..وجلسوا قبالته ينحبون، إنهم يدركون أن الكلام لا يشفي ..ومع ذلك كل واحد منهم كان يرثي الجواد الشجاع بلغته: (كان جميلاً وشجاعاً، كان قوياً وفتياً، صهيله يملأ الدنيا، إذا مات أعطوني خصلة من غرّته أخبئها في وسادتي قال أحدهم، الثاني قال: أتشرّف بالاحتفاظ بسرجه..قال الآخر وهو يضع يديه تحت ذقنه بيأس شديد: ساعات ويموت.. فرد الرابع: قبل عشر ساعات كان واقفاً على رجليه لقد رأيته بأم عيني..قال الخامس: قبل سبع ساعات كان يقف ويقعد..قال السادس: لقد وقع أمامي..فهرعت إليه...بينما نظم السابع: قصيدة شعرية مدحاً بالحصان وما آل إليه حاله..تبارزوا في كلام التباكي ،والحزن المطعّم بالعجز ، قال رجل مسنّ..قبل ساعتين كان يحرّك رجليه جيدا وهو ممّدد على جنبه، اقترح أكثرهم حماسة: علينا أن نشكّل لجنة لمراقبة تردّي وضع الحصان، فأيده البعض، وأصدروا بياناً أن الحصان ليس بخير، بينما فضل البعض الآخر السكوت..كان الحصان الممدّد، ينظر إلى الجموع، يفتح عينيه ويغمضهما ويعتصر دمعة تنبت من زاوية عينه الواسعة..ربما لم يكن يبكي حاله بقدر ما كان يبكي حالهم..قال العاشر: كانت أنفاسه أكثر انتظاماً،وحرارته أكثر اعتدالاً انه يتردّى..أغمض الحصان عينيه تماماً وبقي يتنفّس على مهل...قال الحادي عشر: لماذا لا نشكّل ائتلافاً نسميه ائتلاف الخوف على الحصان، قال آخر: الجبهة أقوىّ!..رد واحد من بعيد: لا لا لفظ التجمّع معناه أوسع..أسمع أسموه تجمع الخوف على الحصان..احتدّ النقاش،فانسحب أحدهم من الائتلاف قبل أن يأتلف،ومن الجبهة قبل أن تتشكل ومن التجمع قبل أن يتجمّع،وعاد الجميع إلى الصمت.. وزاد الإمعان بالنظر في عيني الحصان المغمضتين،الكل يرقب الزفرة الأخيرة..لكن أحداً منهم لم يتبرّع بإحضار الترياق أو يشير إلى العلاج..مات الحصان.





    [12-02-2019 08:52 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع