الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    فن التعامل مع الواقع

    كل إنسان عنده أمنيات في الحصول على كثير مما يتمنى من كل شيء ولكن ما يتم في الواقع يختلف تماماً أحياناً مع ما يتمناه، وكما قال الشاعر المتنبي: ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. ويغفل الإنسان أيضاً عن حقيقة أخبرنا الله عنها في القرآن الكريم وهي أن خريطة سير حياة كل إنسان وكل شيء خلقه الله في هذا الكون مرسومه من قبل ربِّ العالمين منذ الأزل (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ(الحديد: 22 و 23)). فعلى كل إنسان أي يرضى بواقعه ولا يعترض عليه ويتعايش معه.

    فأمام كل إنسان في هذه الحياة خيارين: الأول: أن يكون فناناً في التعامل مع واقع خريطة حياته التي رسمها له الله وبما رزقه ويعمل على أن يكون سعيداً هانئاً مقتنعاً في حياته وهذا الإختيار الأمثل. أو الخيار الثاني: أن يشكو ويتذمر لا يرضى بما قسمه الله له ويحول حياته إلى حياة نكد وكدر وتعاسه. وهذا القدر في الإختيارين هو قدر من العبد وليس من الرب بينما قدر الله هو أن رسم له خريطة حياته منذ الأزل بهذه الصورة وعليه أن يختار قدره في قضاء عمره في هذه الحياة بالطريقة التي يختارها.


    فالكثير من الناس يختارون الخيار الثاني وهو عدم الرضى والتذمر والشكوى ... إلخ وأسمع بعضهم يقول في العامية: ويلي على حظي الطايح، شو هالقسمة التي قسمها الله لي في هذه الظروف المادية والإقتصادية الصعبة، شو هالزوج البخيل، النكدي، المعقد ... اللي قسمه الله لي، شو هالزوجه اللي لا منظر ولا محضر ونغشينا فيها وفي أهلها(ومين اللي ضربك على إيدك وجبرك تقبل بها)، وشو هالخلفه اللي أعطاني إياها الله لا في العير ولا في النفير (هل لو حرمت من الخلفة جلست صامتاً وقبلت بذلك فأنت أفضل من غيرك الذي حرم من الخلفة نهائياً)، ولماذا ربي أعطاني إناث ولم يرزقني ذكور( هل لو رزقت ذكوراً وسببوا لك مشاكل كثيرة هل كنت مسروراً؟ أم تمنيت أن لم يرزقك الله إياهم؟!)، لماذا لم يرزقني الله أولاد كغيري من الناس (هل لو رزقك الله أولاد معاقين وأتعبوك في حياتك كنت مسروراً؟ أم تمنيت لو لم ترزق بهم؟! ... إلخ)، فإرضاء الناس غاية لا تدرك. ولو درسنا حالات البشر في مختلف دول العالم لوجدنا الكثير منهم غير راضيين عن واقعهم للأسف الشديد ويلجأون للمخدرات أو المسكرات للهروب من واقعهم وكل ذلك لقلة إدراكهم لما يقوله الله في القرآن الكريم أوفي كتبه السماوية الأخرى.

    فأناشد جميع الناس في جميع أنحاء العالم أن يقبلوا بواقعهم كما هو، ويحاولوا أن يتعلموا أساليب فن صناعة واقع أفضل بكثير مما هم فيه وضمن حدود وإمكانية ما هو متوفر لهم. والإنسان الكيس والفطن هو الذي يصنع السعاده بيدية وليس عن طريق منحها له من الأخرين أو شراؤها بالمال. وعلى كل إنسان أن يأخذ عبر من حالات مأساوية عند عائلات أخري في بلده وفي دول عربية وعالمية أخرى خصوصاً وقد أصبح العالم عبارة عن قرية صغيرة بوجود الإنترنت والقنوات الفضائية وتوفر وسائل الإتصال الإجتماعية المختلغة ويستفيد منها في حياته بل ويكون فناناً في تطويرها وفق ظروفه وإمكاناته إلى الأفضل ليقضي عمره ومن معه حياةً سعيدة وكريمة.





    [10-02-2019 09:08 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع