الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    ماذا نريد من تعديل قانون الأحزاب؟

    تنوي الحكومة خلال الأسابیع القلیلة المقبلة فتح النقاش حول قانون الأحزاب تمھیدا لإجراء تعدیلات علیھ، الھدف منھا تنمیة الحیاة السیاسیة، وتعزیز دور الأحزاب في الحیاة البرلمانیة، وتوفیر التسھیلات التشریعیة لانخراط الشباب فیھا. تشیر المعلومات الرسمیة إلى أن عدد الأحزاب المرخصة یزید على خمسین حزبا. النمو العددي للأحزاب مرده تعدیلات سابقة على القانون خفضت عدد المؤسسین من 500 عضو إلى 150 عضوا. بالنتیجة زاد عدد الأحزاب وانخفضت أعداد الحزبیین في الأردن، إذ تشیر التقدیرات بأن عدد أعضاء الأحزاب في الأردن لا یزید على عشرة آلاف مواطن. قیل في وقت سابق إن الأحزاب الأیدولوجیة انتھى زمانھا، ولم تعد تقنع أحدا ”تبریر یحتاج لتدقیق شدید“، والناس ترید أحزابا برامجیة ووطنیة تتبنى قضایاھم الحیاتیة. ظھر لدینا مثل ھذا النوع من الأحزاب وبأعداد وفیرة، قدمت برامج تفصیلیة، بعض مؤسسیھا كانوا أعضاء في أحزاب عقائدیة، وبعضھا الآخر ساسة من أصحاب التجارب في الحكم.

    لكن ذلك لم یغیر الحال وظل الإقبال على الأحزاب محدودا. وثمة تیار واسع من الحزبیین یعتقد أن سبب عزوف الأردنیین عن الأحزاب ھو خوفھم من الملاحقة الأمنیة وقطع الأرزاق. منصات التواصل الاجتماعي، خاصة ”فیسبوك“ تفند ھذا الإدعاء، فالأردنیون لا یخافون من التعبیر عن رأیھم، ولا یتوقفون عن نقد الحكومات وكبار المسؤولین على صفحاتھم دون خوف من ملاحقة أو فصل من العمل. فلماذا إذا لا ینخرطون في الأحزاب؟ في السابق كانت الأحزاب تشكو من نقص الموارد اللازمة لتمویل نشاطاتھا ودفع أجور مقراتھا، فتولت الخزینة مساعدتھا عن طریق تقدیم دعم مالي سنوي بقیمة خمسین ألف دینار لكل حزب، ومبالغ إضافیة في حال شارك الحزب بالانتخابات النیابیة أو فاز بمقاعد بمجلس النواب.

    عدد قلیل من الأحزاب استفادت من ھذا الدعم على نحو یخدم مصالح الحزب، فیما عدد منھا تصرف بالأموال بطریقة غیر قانونیة انتھت بالبعض إلى القضاء. حتى العام 1989 كانت الأحزاب السیاسیة في الأردن تعمل بشكل سري ومع ذلك كانت أعداد منتسبیھا تفوق أعدادھم الیوم. جلھا أحزاب أیدولوجیة، واجھت أزمة ھویة وبرنامج بعد انھیار الاتحاد السوفییتي، وتفكك التیار القومي، وصعود الإسلام السیاسي. لكن حال الأحزاب البرامجیة أو ما یطلق علیھ الوسطیة بعد التحول الدیمقراطي لم یكن أفضل، فبعد مرحلة قصیرة من الانتعاش، أصابتھا نفس الأمراض من انشقاقات وانقسامات واصطفافات خلف ھذا“ الزعیم“ أو ذاك، وبالنتیجة فقدت شعبیتھا. قبل الشروع في فتح القانون للتعدیل واقتراح أفكار وبنود جدیدة، یتعین على جمیع الأطراف أن تمھد بحوارات معمقة حول البیئة السیاسیة والتجربة السابقة للأحزاب، والظروف المحیطة فیھا، دون استسلام لبدیھیات أو مبررات جاھزة نلقي فیھا المسؤولیة على طرف دون غیره.

    فما أخشى أن یتركز النقاش فقط على سبل تسھیل تشكیل الأحزاب لا الغایة منھا، وفي ھذه الحالة ستكون النتیجة تعدیلات قانونیة تضاعف عدد الأحزاب، بینما الھدف المطلوب ھو التأسیس لحیاة حزبیة مستقرة، تسمح بولادة أحزاب وتیارات كبرى تجمع الأردنیین خلف برامج تصلح للحكم والمعارضة الوطنیة.





    [09-02-2019 09:12 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع