الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    سفن النواب والحكومة المحترقة

    آن الأوان أن یتم حل مجلس النواب، وتشكیل حكومة جدیدة، بعد أن تم حرق كل ھذه المرحلة، والذي یقول لك إنه یمكن مواصلة الإبحار بسفن محترقة، مخطئ جدا. الناس لیسوا دائما على حق، لكنھم في ھذه الحالة على صواب، والحملة المرتدة ضد الناس باعتبارھم ھم الذین اختاروا ھؤلاء النواب، حملة ساذجة، لان من اختار النواب جملة ظروف، من بینھا البیئة العامة، وطبیعة قانون الانتخاب. لقد سقطت الثقة كلیا، بمجلس النواب، لاعتبارات كثیرة، ولعلنا نسأل الیوم، كیف یمكن الاستمرار بمجلس نیابي علیھ سخط كبیر على المستوى الشعبي، ولا ثقة فیھ؟ من المصلحة العامة اجراء ”مقاصة“ على طریقة الشیكات، أي حل البرلمان واستقالة الحكومة معا، وتكلیف حكومة جدیدة تجري الانتخابات لاحقا على ذات القانون، الذي وفقا لمعلومات مؤكدة، لا یوجد توجھ لتغییره جذریا، حتى لو بقي البرلمان الحالي.

    ھذه لیست خفة سیاسیة، إذ نطالب بحل البرلمان، وتكلیف حكومة جدیدة، لان الأمر ینطبق أیضا على الحكومة، لانھا وبرغم بعض الإنجازات على بعض الأصعدة، الا انھا احترقت سریعا أیضا، بسبب قانون ضریبة الدخل، وقضایا مختلفة، مثل حادثة البحر المیت، والتعیینات، وغیر ذلك. لا نرید كل شھرین تغییر الحكومة، ولا نرید فتح موسم قبل وقتھ، ولھذا نتتجنب الدعوات لحل البرلمان، وتكلیف حكومة جدیدة، إذ لا یعقل كلما خرجت أصوات تطالب بھذه المطالبات یتم التجاوب معھا، والا كنا كل ستة أشھر أمام برلمان جدید وحكومة جدیدة. لكن ھناك مرات یكون ھذا الرأي صائبا إلى حد كبیر.

    النقطة الغائبة الیوم ان كلفة البرلمان وكلفة الحكومة الحالیة باتت مرتفعة جدا، وفواتیر ھذه الكلفة تتنزل على عصب الدولة، ولیس على النواب والوزراء وحسب، فلماذا یبقى ھؤلاء إذا كانوا یعانون من احتراق رصیدھم، من جھة، وثقل اعبائھم یتنزل على البلد بأكملھ! صناعة النواب والوزراء من أھم الصناعات السیاسیة، ولعلي وغیري نسأل عن السبب الذي یؤدي دوما الى انتاج طبقة سیاسیة ھشة ضعیفة وغیر مقنعة، وبلا شعبیة، وقد كنا نشھد سابقا، صناعة بطانات من نوع رفیع المستوى، تحوز ثقة الناس أولا وأخیرا! من المؤسف جدا، ان یتم مواصلة اقناعنا ان لا نواب یمثلوننا سوى ھؤلاء، واننا من قمنا باختیارھم، ولا أحد یحدثك عن مسؤولیة كل الأطراف في صناعة ھكذا برلمانات، لیس بسبب مشاكل قانون الانتخاب وحسب، وكلنا یدرك انھ حتى بذات القانون الحالي یمكن انتاج نوعیات مختلفة تماما.

    من غیر المعقول القول إن ھذا ھو البیدر وھذا ھو قمحھ، فمن این نأتي لكم بنواب مختلفین، والاجابة سھلة، وتتلخص بالبیئة السیاسیة ذاتھا، التي جعلت الأكثر أھمیة واقناعا یتوارون بعیدا لصالح الأضعف، وبحیث بات التنافس بین المرشحین الأضعف، الذین اثبتت الأیام انھم لیسوا حاجز دفاع عن الدولة، بقدر كونھم یمررون كل ما یمس مصالح الناس، ویمارسون الرقابة بطریقة شخصیة في اغلب الحالات، ویتحولون الى جزء أساس في معادلة الاخلال بالعدالة في البلد، لصالح ناخبیھم، على حساب غیرھم من المواطنین، الذین مارسوا حیادھم او سلبیتھم وغابوا عن الاقتراع. ما الذي یمنع من إعادة مراجعة وتقییم جدوى ھذه المؤسسات وصلابتھا وقبولھا، بعیدا عن فكرة مقاومة رأي الشارع، باعتباره الأكثر تطلبا، ویتسم بالنزق والتسرع، ویرید كل شھرین، حكومة وبرلمانا جدیدا؟! بعیدا عن كل الشعارات، وحالة السخط، والاستعصاء على كل المستویات، یبقى السؤال مرتبطا بجدوى الإبحار بسفن محروقة!





    [09-02-2019 08:58 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع