الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    سلم نفسك

    في بداية مقالي وددت أن أتحدث عن المتعثرين إقتصاديا وهي نسبة لا يستهان بها وليس عن أصحاب مهنة (شيك لا يقابله رصيد مكرر 1000).

    من منا لم يضحك من الجملة الساخرة (إعمل نفسك ميت ...إعمل نفسك ميت ) لتدور بنا دورة الحياة ونخرج منها بموت حتمي ونحن على قيد الحياة، كثر هم في كل زوايا الوطن من يصارعون موتهم وهم يتنفسون بلا هدف.

    ولعل موت البشر سبقه موت التشريعات، لتكون مسببات مثل مرض السرطان الذي فاقت نسبته الكثير مع التشكيك بالنسب المعلنة لأسباب استراتيجية مختلفة، وفي النقيض نجد نسبة معلنة واضحة هي نسبة مديونية الأفراد إلى دخلهم والتي قدرت ب 63% فهل نعي ما معنى ذلك مقارنة بنسبة السكان؟؟؟.

    ونسبة المطلوبين لقضايا مالية وصل عددهم الى ما يزيد عن 200 الف متعثر أغلبهم تتم مطاردتهم على قضايا مالية من الكمبيالات والشيكات مرورا بقروض المصارف، وصولا إلى قضايا الأجرة من نفقة الطلاق وإيجارات البيوت وغير ذلك.وهي مسببات موت، لمجتمع يعاني الأمرين.

    في الأردن الجرائم الواقعة على الأموال هي الأكثر معدلا من بين الجرائم خلال الأربعة وثلاثين عاما الماضية، وهذا يعني خللاواضحا او ما يسمى بالوباء في منظومتنا الاجتماعية والبنكية والاقتصادية.

    دعونا ننسى قانون العفو العام الأخيرالذي إقتصرعلى مخالفات السير البسيطة التي تتراوح غراماتها بين 10 و15 دينارا، وقضايا اخرى ليست ذات مغزى بل ان الاستثناءات التي أقرتها الحكومة "لا تجوز" حيث إنها غلبت الأصل وأخرجت "العفو" عن معناه.مما يعكس مدى عدم رغبة الحكومة أصلا في إصدار عفو عام وشامل، ورغبتها في حصره ببعض القضايا والمخالفات.

    وربما هو نوع من إستراتيجة الإلهاء التي تطبق كالأسلحة الصّامتة لخوض حرب هادئة للسيطرة على الشعوب وكانت قضية العفو ثم اشقاء النواب ثم تسريبات بعض السرديات لشخوص قضية عوني مطيع جزء من هذه الاسلحة المصوبة نحو فكر الشعب من أجل الإلهاء المتستر.

    ومن هنا أنطلق بتحديد لب المشكلة التي نعانيها فعشرات آلاف من القضايا على خلفيات مالية وشيكات مازلت عالقة هذه الأيام، والوضع الاقتصادي في الأردن يشتد صعوبة، وسيزيد عدد العاجزين عن سداد التزاماتهم، في حين وصلت قيمة قروض الأردنيين إلى ما يقارب المليار دينار على القطاع الخاص من عام لآخر.

    ربما نعاتب هنا المواطن بأن ظاهرة الشيكات عائدة إلى تساهل بعض البنوك في إعطاء شيكات دون التمحيص في قدرة من يطلب دفتر شيكات, بعد وضع مبلغ بسيط من النقود، اضافة الى أن هناك تساهلاً في ترخيص الشركات وشركات القروض وصندوق المرأة واستغلال هذه المزايا للاستفادة من كتابة الشيكات والبنوك لم تقصر بدورها في تغريق الشعب الغلبان الجائع الذي أصبح قائمة سوداء بشيكات دون رصيد.

    وربما نطرح هنا سؤالا خبيثا عن مدى تكتيك هذه العملية المدروسة بمنهجية لصالح من ؟ ومن المستفيد أن يصبح الشعب مغرق بالديون ومطارد ؟؟؟.

    لا يغفل علينا المماطلة بالمدة الزمنية لقضايا الشيكات بدون رصيد حيث أن نسبة كبيرة من الشيكات حسب قيمة المبلغ يتم تدويرها على أكثر من محكمة أولها محكمة الصلح ثم الإستناف ثم التمييز مما يزيد من مدة القضاء الى ما يتجاوز ال3 سنوات ناهيك عن عطلة القضاء.

    وزيادة الفائدة القانونية والبالغة نسبتها 9 % لتصل الى 27% خلال ال3 سنوات بالاضافة الى الرسوم القانونية واتعاب المحامة للطرفين مما يعني أعباء إضافية على كاهل الفرد.

    وهنا نطرح عدة أسئلة نريد إجابة عليها

    أولها هل سيبقى المواطن ملاحقاً و مطارداً أمنياً ومعلقة أعماله وتحركاته.

    هل تعلم الحكومة ان نسبة المطلوبين فاقت ال150 ألف مطلوب تقريبا وربما تزيد مع تردي الاوضاع الاقتصادية يوما بعد آخر ؟؟؟

    وهل الحكومة عندها قابلية على استيعاب هذا العدد الجم من المتعثرين في حال فاض بهم الكيل وقرروا تسليم انفسهم ولنقل على سبيل المثال ما نسبته 25 % منهم أي ما يعني 35 الف سجين ؟؟؟

    وهل الحكومة تملك 35 ألف أسوارة إليكترونية لتتبع خطواتهم كون السجون لا تتسع طاقتها الاستيعابية الى ربع العدد المطلوب؟

    ما السر الذي جعل الحكومة تستثني هذه الفئة من العفو وهي النسبة الاعلى رقما من المستفيدين والأعلى دفعا لرفع أسهم الحكومة لدى الشعب؟؟؟

    هل الإستثناء مدروس من قبل الحكومة لتخفيف أعداد من يطالبون بالاصلاحات الحكومية من خلال الشارع والدوار الرابع تحديدا والذي أسقط حكومة الملقي؟

    ماذا ينتظر المواطن المتعثر والمطارد الآن بعد صدور العفو المخيب لأماله وعدم شموله به هل سيبقى يعيش بحالة من الرعب والفزع ؟؟

    أصبحنا على يقين اننا سوف نجد علاجا لمشكلة السرطان التي أستفحل في الأردن قبل ان نجد حلا لمشكلة الشيكات التي تجاوزت الربع قرن ؟

    وهل يعلم مجلس النواب الموقر والحكومة ان من يعاني من المشكلة ليس فقط ال 150 ألف مطلوب بل هم و أسرهم وأولادهم وزوجاتهم وأخوتهم اي ما يقارب المليون فرد يعانون جانبا نفسيا واقتصاديا واجتماعيا وامنيا مما يزيد من حدة المشكلة وشموليتها ؟؟؟.

    هل نحتاج الى "حملة شعبية لتنفيذ الأحكام"، تحت شعار "سلم نفسك" حتى يتم انهاء هذه المعاناة للمواطن المطلوب وعائلته؟

    أليس القانون يعمل من أجل الجمیع بعیداً عن الإنتقائیة والإسترخاء والتردد، ام نخضع للتشدد في إستخدام السلطة التي قد تتجاوز القانون وتضر بحقوق الانسان وكرامة الافراد، وأبسط حقوق الإنسان المادة الاولى حقه في الحياة والعيش الكريم ومحاكمة عادلة.

    وملف الأردن في حقوق الانسان الخاصة بالسجون لدى المنظمات الدولية حافل بالكثير من الإنتقادات وفقا لأطلاعي على الوضع العام من خلال رسالة الدكتوارة الخاصة بي عن حقوق الانسان في الاردن ؟؟؟؟؟.

    المشكلة ليست سهلة وحلها ليس فرديا فمعدل الأجور في الأردن بلغ 392 ديناراً شهرياً، حسب أرقام دائرة الإحصاءات العامة، وأن ما يقارب 72 % من العاملين بأجر ومشتركين في الضمان الاجتماعي رواتبهم الشهرية تبلغ 400 دينار فما دون مما يعني ارضية رخوة، ومن المعروف أن خط الفقر المطلق للأسرة المعيارية في الأردن يقارب 350 دينارا شهريا، هذا ناهيك عن ساعات العمل الطويلة التي تزيد على 8 ساعات يومياً. مما لا تؤهل أحدا لسداد دينه.

    حمى الله الأردن وشعبه.





    [07-02-2019 09:53 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع