الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    هل ننتظر عفواً عاماً جديداً؟
    نبيل غيشان - أرشيفية

    كتب: نبيل غيشان - انتهى ماراثون قانون العفو العام بصدوره من مجلس الأمة، وبعد توشيحه بالإرادة الملكية السامية وصدوره في الجريدة الرسمية، فإنه سيوضع حيز التنفيذ لآن انتظار الأردنيين طال.

    أول من ينتظر القانون هم أصحاب السيارات التي استحقت تراخيصها منذ شهر لكنهم تريثوا لحين شطب المخالفات، الأمر الذي جعل 53 ألف سيارة تجوب شوارعنا بدون ترخيص وكذلك العمال الوافدين وعاملات المنازل الذين ينتظرون تجديد إقاماتهم.

    والمؤلم أن مصادر حكومية سربت أخباراً عن خسارة خزينة الدولة مبلغ 80 مليون دينار نتيجة العفو، بينما كان تخطيط الحكومة خسارة 25 مليونا قبل تعديلات مجلس النواب. وهذا تفكير غير صحيح لان الحكومة يجب ألا تفترض أن مخالفات السير او الإقامة او الضرائب نوع من الجباية للخزينة بل إنها جزء من فلسفة حث المواطن على الالتزام بالقانون وبالتالي فان الغرامة ليست حقا بقدر ما هي تصحيح للخطأ، ولهذا يأتي العفو العام ليعطي فرصة جديدة للناس.

    واهم من يعتقد أن الحكومة او مجلس النواب ينتظران تحسين صورتهما بعد إصدار العفو العام. فقانون العفو يستفيد منه آلاف الناس فقط مقابل أغلبية لا تستفيد منه. أما استعادة الثقة الشعبية فهذه قضية بحاجة الى سلوكيات جديدة وتحسين أحوال الأردنيين المعيشية إضافة الى التعامل معهم بشفافية وعدالة.

    الحقيقة الغائبة هي أن هذا القانون الذي يحمل رقم 18 في تاريخ المملكة جاء موسعاً، حيث أدخل مجلس النواب تعديلات على مشروع الحكومة أولها شطب الشق الجزائي في جرائم الذم والقدح والتحقير والمرتكبة خلافا لأحكام قانوني العقوبات والجرائم الالكترونية، وكذلك ادخل النواب الإعفاء على غرامات مخالفات السير التي كانت الحكومة تعطيها سقفا لا يتجاوز 20 دينارا.

    وشمل النواب الغرامات المفروضة على سرقة المياه والكهرباء، ورغم ربطهم الإعفاء بالمصالحة ودفع المبالغ المطلوبة، إلا أن الأمر كان أفضل لو تم التفريق بين السرقة لغايات الاستعمال الشخصي او التجارة، والفرق شاسع بينهما.

    وكان النقاش النيابي مشتدا في جرائم الشيك والتي ربطت الحكومة الإسقاط إذا كان هناك ادعاء بالحق الشخصي أثار احتجاج غرفتي الصناعة والتجارة، الى أن ثبّت مجلس النواب الأمر بإسقاط الشق الجزائي (الحبس) في حال التصالح وإسقاط الحق الشخصي.

    والصحيح أن هذا الموضوع فتح حواراً وطنياً حول الحبس في قضايا الشيك، وهل من العدل حبس المدين؟ وماذا يستفيد الدائن من حبسه؟ وماذا تستفيد الدولة؟ واستند البعض في رفضهم للحبس بالقوانين والمعاهدات الدولية التي تمنع حبس المدين المعسر.

    المكان المثالي لإسقاط الشق الجزائي في جرائم الشيك ليس قانون العفو العام بل العقوبات، ولهذا يتوجب تعديله بحيث ينتهي الحبس على الشيك مثلما أنهى مجلس النواب الحبس على الشيك المكتبي.

    ورغم صدور قانون العفو، إلا أن الكثير من اللبس وسوء الفهم والتفسير سيبقى قائما ولا يمكن حل ذلك إلا من خلال اللجنة القضائية التي تشكلت برئاسة رئيس محكمة التمييز للنظر في كل اعتراض او إشكال او تفسير ينجم عن تطبيق أحكام القانون.

    هل سنعود ننتظر مشروع قانون عفو عام جديد ولو بعد عشر سنوات؟ هل هذه الفكرة جيدة وبحاجة الى تكرار؟ هل من استفاد من العفو أصلح نفسه أم عاد الى ارتكاب نفس الأخطاء؟ اعتقد أن كل هذه الأسئلة مشروعة، والأجهزة الحكومية سترصد المستفيدين من العفو العام، فإذا لم يكن هناك إصلاح فلا داعي لتكراره.

    يبقى التأكيد أن العفو العام منصوص عليه في الدستور وقانون العقوبات والتغيير بحاجة الى عملية تشريعية ومنظومة جديدة من التفكير.





    [02-02-2019 09:43 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع