الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    إدارة البشر

    معظم الأنبياء إذا لم يكن أغلبهم رعوا الماشي أي كانوا رعاة. وفي ذلك عبرة لأن الذي يستطيع أن يقود قطيع من الماشية وخلقت المواشي بغريزة دون عقل، يستطيع بالطبع أن يقود البشر وخلقوا البشر بعقل وغريزة. فالذي يتولى المسؤولية في أي مؤسسة سواء أكانت حكومية أو خاصة يجب أن يكون عنده مقومات القيادة، المؤهلات، الذكاء، الفطنة، والنفس المطمئة او اللوامه على أقل تعيل والخبرة حتى يستطيع أن يتولى أمر من أوكل أمرهم له من البشر بغض النظر عن جنسياتهم فهم بشر. وتولي المسؤولية على البشر من أصعب مايمكن لأن نفوس البشر مختلفة وصعب جدا أن يعرف ما بداخلها. وكما ذكرنا في مقالات لنا سابقاً النفوس ثلاثة أنواع وكما ذكرها الله في كتابه العزيز القرآن الكريم: النفس الأمارة بالسوء وهذه النفس دائماً وبإستمرار تأمر صاحبها ولا حول ولا قوة الا بالله بالإساءة ونشر الفتن والخلافات والكره والأحقاد... إلخ بين الناس (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ(يوسف: 53)).

    وهذا النوع من النفوس كثيرة (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ(الأعراف: 179)). وهنا تتجلى قدرات وذكاء وفراسة وخبرة ودهاء المسؤول في التعامل مع هذه الفئة من الناس الذين يمتلكون هذا النوع من النفوس في مراقبتهم وكشفهم ومواجهتهم في حقيقة أمورهم وفي تحجيمهم بالطرق التي يفهمونها ولا يفهمون غيرها.

    ومن الناس من يمتلكون النفس اللوامه وهم أقل بكثير من الذين يمتلكون النفوس الأمارة بالسوء. وهؤلاء الناس إن أخطأوا بحق آخرين أو أساؤوا لغيرهم تلومهم أنفسهم ويتأسفون لمن أساؤوا لهم دون تردد وبدون تأخير أومماطله أو تدخل آخرين. وهذا النوع من الناس ليس صعباً إدارتهم والتفاهم معهم ولكن ليسوا كُثُر (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (القيامة: 2)). وأما النوع الآخر من الناس وهم قليلون جداً جدا وهم أصحاب النفوس المطمئنه الموكلون أمورهم لربهم في جميع نواحي حياتهم (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (الفجر: 27)) اللهم إجعلنا منهم، لأن الله يقول فيهم (ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي (الفجر: 28- 30)) سيدخلون الجنه بإمر ربهم.

    فبما أن أغلب الناس في المجتمع هم من أصحاب النفوس الأمارة بالسوء والمسؤول مجبر على التعامل معهم شاء أم أبى. و ينتظرون هؤلاء الناس أي زلة أو خطأ من المسؤول حتى يمارسون هوايتهم وهي الإساءة له وإلحاق الضرر به وبمن معه. فيجب على المسؤول في أي مؤسسة أن يفهم نفسياتهم جيداً ويحاول أن لا يطلب منهم إلا ماهو مستطاع حتى لا يثير عليه عش دبابير لا ترحم. هذا لا يعني أن يخاف منهم أو يخضع لمطالبهم إن كانت غير محقة وغير مبررة ولكن يأخذ حذره منهم ويكون عينه وعيون من معه عليهم حتى يعلمون أنهم مراقبون والعيون غير غافله عنهم. ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن كيف سيختار المسؤول فريق عمله الإداري في ضوء ما تقدم من توضيح لنفوس وطبيعة البشر؟ فارضين أن المسؤول يا إما من النفس المطمئنه أو النفس الأمارة بالسوء على أقل تعديل، أترك الإجابة للقراء من خلال تعليقاتهم. على أن تكون إجابتي عن هذا السؤال في مقالة لاحقة بإذن الله.





    [31-01-2019 08:57 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع