الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    ‎ الجدال العقيم


    ‎ما هو تعريف الأخلاق؟ هي صفات يعكسها أي إنسان عن نفسه من خلال تعامله أو تفاعله مع عناصر المجتمع الذي يعيش فيه. كأن نقول فلان أخلاقه عاليه، صاحب دين، يخاف الله، مؤدب، لطيف، متعاون، رؤوف، كريم، حليم، ودود، صادق، أمين، صاحب مبدأ، لا يتلوَّن، غير أناني، يحب الناس، وغير مصلحجي، عاقل، لا يعادي أحد ... إلخ. أو نقول فلان أخلاقه سيئة، ليس عنده دين، لا يخاف الله، قليل أدب، فظ، ألفاظه سوقية، لئيم، وقح، لا يوجد في قلبه رحمه، طمَّاع، جشع، ليس له مبدأ، بمائة وجه، كذَّاب، منافق، يتلوَّن، أناني، لا يحب إلا نفسه، مصلحجي، جاهل، يعادي كل من حوله ... إلخ.

    ‎تعريف الجدال العقيم: هو النقاش الطويل والممل والقال والقيل حول نقل أحداث ما حصل بين شخص وآخر أو آخرون أو بين مجموعة من الناس بشكل مشوه أومُضِلِّل وغير صحيح مما يلحق الأذى والضرر والسمعة السيئة بأخرون (أي بإختصار الكذب والتلفيق في نقل الأحداث وفي أكل حقوق الناس) وكما يقال: يا ريت ناقل الخبر يكتفي بما ينقله له الناس، بل يضيف من عنده على الخبر بهارات ومقبلات ... إلخ.

    ‎وهذا الأمر تكرهه الأديان كلها والنفوس البشرية وحتى الحيوانات إذا كذبنا عليها. قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (الحجرات: 6)). فمن الممكن أن يسرق المؤمن وقد أباح ولم يحلل سيدنا عمر عليه السلام في عام المجاعة السرقة بقدر ما يحتاجه المؤمن حتى لا يهلك من الجوع من باب الضرورات تبيح المحذورات. ومن الممكن أن يزني المؤمن لأن هناك دوافع ومغريات للزنى حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، لَيْسَ مِنْهَا بِسَبِيلٍ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا. أما الكذب فلا يوجد له مغريات أو دوافع أبداً وحبل الكذب قصير مهما طال والكذب يؤدي إلى الجدال العقيم ومضيعة الوقت وتأليب القلوب ونشر الحقد والكره بين الناس.

    ‎والجدال العقيم في أحداث غير صحيحة أو دقيقة (كاذبة وملفقه ومضاف عليها بهارات ومقبلات ناقلها الذي لا يخاف الله لا في نفسه ولا في الناس) هو مفتاح للشر بين الناس ومفتاح لدمار الأسر ومميت للقلب، ولا يعود بالنفع على أي شخص يدخل فيه. فالصدق منجاه ومفتاح للخير وللرزق لأصحابه ومن صادق الناس شاركهم أموالهم. كان يسمى رسولنا صلى الله عليه وسلم قبل البعثة بالصادق والأمين وهاتين الصفتين جعلت الصحابه يصدقونه في بعثته ويضحون بأرواحهم من أجله. ولو كان عكس ذلك لما نجح في رسالته ونشر الإسلام في جميع بقاع العالم. فكثير منَّا يفتخر بصدق الأجانب في بلادهم وعندما يزورون بلادنا. ولهذا السبب لا تجد عند الأجانب جدال عقيم فيما بينهم لأنه لا يوجد كَذِبَ يدافع عنه صاحبه بالباطل، ولاهضم حقوق يتطلب من صاحب الحق الجدال حتى يأخذ حقه.

    ‎ولنعلم جيداً أن ألكذب هو أساس المشاكل بين الناس فعلينا بإجتثاثه من
    ‎جذوره لأنه هو السبب الرئيسي للجدل العقيم بين الناس والذي لا فائده منه لأحد. قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: أَنا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ (الجدال) وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَببيتٍ في وَسَطِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وإِن كَانَ مازِحًا، وَببيتٍ في أعلَى الجَنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُهُ حديثٌ صحيحٌ، رواه أَبُو داود بإِسنادٍ صحيح. وعلينا أن نستغل وقتنا بما هو مفيد لنا في دنيانا لنعمل كأننا نعيش أبداً وفي أخرتنا في التسبيح والإستغفار وذكر الله كأننا نموت غداً.





    [27-01-2019 08:27 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع