الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    شهادة الزور

    ما هو تعريف الأخلاق؟ هي صفات يعكسها أي إنسان عن نفسه من خلال تعامله أو تفاعله مع عناصر المجتمع الذي يعيش فيه. كأن نقول فلان أخلاقه عاليه، صاحب دين، يخاف الله، مؤدب، لطيف، متعاون، رؤوف، كريم، حليم، ودود، صادق، أمين، صاحب مبدأ، لا يتلوَّن، غير أناني، يحب الناس، وغير مصلحجي، عاقل، لا يعادي أحد ... إلخ. أو نقول فلان أخلاقه سيئة، ليس عنده دين، لا يخاف الله، قليل أدب، فظ، ألفاظه سوقية، لئيم، وقح، لا يوجد في قلبه رحمه، طمَّاع، جشع، ليس له مبدأ، بمائة وجه، كذَّاب، منافق، يتلوَّن، أناني، لا يحب إلا نفسه، مصلحجي، جاهل، يعادي كل من حوله ... إلخ.

    بدأ الخلاف بين بني آدم منذ بداية الخليقة وعلى المصالح الشخصية. وبدأ أول خلاف بين إبني آدم عليه السلام هابيل وقابيل عندما إختلفا على من سيتزوج الأخت الأجمل. وتم الإتفاق بينهما على أن يُقَدِم كل منهما قرباناً لله والذي يُتَقَبَل منه القربان يتزوج الأخت الجميلة.

    وعندما تقبل الله قربان هابيل ولم يتقبل قربان قابيل وقع الخلاف الذي تَدَخَل فيه إبليس وطوَّع نفس قابيل لقتل آخيه هابيل (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (المائدة: 30)).

    ومعظم الخلافات بين الناس هذه الأيام تقع على المنافع الشخصية سواء أكان على مال أو على ميراث أو على منصب أو على فتاه ... إلخ. قال تعالى (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ(البقرة: 188)). والقضاة في المحاكم يحكمون بناء على الأدلة والشهود التي يقدمها المحامون حتى لو كانت الأدلة وشهادات الشهود مزورة، وقوله تعالى بالإثم وأنتم تعلمون في الآية أي بالزور والبهتان.
    وشهادة الزور من أكبر الكبائر (ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ(الحج: 30)). ويقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح المتفق عليه: ”ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا، قلنا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت". يعني: حتى قال الصحابة: ليته سكت إرفاقًا به عليه الصلاة والسلام لئلا يشق على نفسه، كررها كثيراً ليحذر منها؛ لأن بعض الناس يتساهل فيها، وربما يعطى مالًا ليشهد بالزور.

    وكما يقول كثيراً من الناس شاهد الزور يحضر للمحكمة معزز مكرم بسيارة وبعد الشهادة يغادر المحكمة على ماشياً. فالإثم الأكبر يقع على من دعاه ودفع له النقود لشهادة الزور قبل أن يقع على الشاهد. وكما يقولون شاهد الزور بخمسة دنانير.

    فهل أخلاقنا كمسلمين تسمح لنا بفعل هذه التصرفات؟! لا، إذا كنا مسلمين بحق ونخاف الله والذي يخاف الله لا تخاف منه ولا تخاف عليه لأنه لا يضر نفسه ولا يضر غيره. وأما إن كنًّا مسلمين بالإسم أو بالهوية فقط ولا نخاف الله، نفعل أكثر من هذا. لأن الذي لا يخاف الله تخاف عليه وتخاف منه لأنه يضر نفسه ويضر غيره.

    وكم حق هُضِمَ وكم مال أخذ بغير حق وكم إنسان ظُلِمَ ووضع في السجن بشهادة زور. فنسأل الله الهداية لكل المسلمين وأن يعصمهم الله من اللجوء إلى شهود الزور لأخذ حقوق ليست من حقهم وقبل فوات الأوان (حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (المؤمنون: 98 و 99)).





    [21-01-2019 08:38 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع