الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    تجاوزات بين العلماء والمثقفين

    ما هو تعريف الأخلاق؟ هي صفات يعكسها أي إنسان عن نفسه من خلال تعامله أو تفاعله مع عناصر المجتمع الذي يعيش فيه. كأن نقول فلان أخلاقه عاليه، صاحب دين، يخاف الله، مؤدب، لطيف، متعاون، رؤوف، كريم، حليم، ودود، صادق، أمين، صاحب مبدأ، لا يتلوَّن، غير أناني، يحب الناس، وغير مصلحجي، عاقل، لا يعادي أحد ... إلخ. أو نقول فلان أخلاقه سيئة، ليس عنده دين، لا يخاف الله، قليل أدب، فظ، ألفاظه سوقية، لئيم، وقح، لا يوجد في قلبه رحمه، طمَّاع، جشع، ليس له مبدأ، بمائة وجه، كذَّاب، منافق، يتلوَّن، أناني، لا يحب إلا نفسه، مصلحجي، جاهل، يعادي كل من حوله ... إلخ.

    طالب الرسول عليه الصلاة والسلام مقابلة الإساءة بالحسنة وأن يستر المسلم على أخيه المسلم إذا صدر منه نقص أو تصرف خاطيء أو فاحشة وأن لا يشيع الفاحشة بين المؤمنين، قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (النور: 19)). وقال تعالى أيضاً (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (فصلت: 34)). فنتساءل لماذا لا نجعل نحن العلماء والمثقفين والمسلمين بشكل عام القرآن دستورنا في التعامل مع بعضنا البعض؟! وكما طلب منًّا ربٍّ العزة والجلالة وأن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا؟! لماذا لا نتخلق بأخلاق القرآن وأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم؟ الذي قال فيه ربٍّ العزة والجلالة (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ(القلم: 4)).

    فنلاحظ في بعض الندوات والنقاشات التي تعقد على الفضائيات وأمام العالم أجمع أن بعض علماء الدين أو المثقفين عندما يشتد الحوار بينهم يصفون بعضهم البعض بصفات جارحة. ويتهمون بعضهم البعض بصفات لا يراعى فيها مخافة الله، وما تلحق تلك الصفات بمن يوصف بها من الأذى والضرر النفسي والمعنوي وربما العلمي والثقافي والمادي أيضاً. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لا يقف بعض العلماء وبعض المثقفين في بعض حواراتهم للتلاسن وتوجيه الشتائم والكلام البذيء لبعضهم البعض بل تصل الأمور إلى الضرب والتراشق بما أمامهم من الأشياء على طاولة الحوار وبالكراسي ... إلخ وعلى الملأ أجمع أمام العالم.

    فيا لها من سمعة سيئة للأشخاص أنفسهم أولاً ولكل من يمثلونهم من أصحاب أديان. فنحن نطالب علماءنا ومثقفينا بالإلتزام بأوامر الله وسنة رسوله في التعامل كما أسلفنا في بداية هذه المقاله. وأن يأخذوا بعين الإعتبار ما سَيُلْحِق أي تصرف سلبي من قبلهم بهم وبالدين الذي ينتمون إليه وبمن يتبعون دينهم. لأن كل من يشاهد هذه التجاوزات لا بد أن يقول: إذا كان علماؤهم ومثقفوهم يفعلون هذه التجاوزات فكيف غيرهم ممن ليس لديهم علم أو ثقافة عالية؟.

    ولا زلت أذكر قول أمي لي رحمها الله ورحم أموات الناس أجمعين عندما كانت تقول لي: إجلس يا بلال وإسمع ما أقوله لك، فأقول لأمي تفضلي يا أمي، فتقول لي: برضاي عليك يا بلال بدٍّي (أعط الأولويه) للفهم عن العلم. فأنا الآن عندما أشاهد هذه التجاوزات بين العلماء والمثقفين، أقول في نفسي: والله صدقت والدتي في كلامها لي، ليس أمر الأخلاق والفهم بالشهادات إنما بتعامل الإنسان مع أخيه الإنسان بفهم وباخلاق وتربية حسنة. والأمم في هذا العالم توزن بأخلاقها وليس بشهاداتها وكما قال الشاعر: وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت - فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.





    [19-01-2019 09:21 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع