الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الافتقار إلى فن الحوار!
    الدكتور فيصل غرايبة - أرشيفية

    كتب: الدكتور فيصل غرايبة - إن قضية الحوار بين الأطراف (بين الآباء والأبناء وبين المعلمين والطلبة) تتطلب من الكبار الإصغاء إلى الشباب،وتتطلب من جيل الشباب التخلي عن اعتقاده بصحة افتراضاته وسلامة أطروحاته حول مستقبله ومستقبل مجتمعه بالمطلق.

    ومن هنا يتم الاتفاق بين الطرفين على مصالح مشتركة وأهداف واحدة أساسها انتماء الطرفين إلى مجتمع واحد.. عليهما المشاركة في بنائه وتطويره،عندها ترسو القناعة عند الجميع بأن الشباب بحاجة للحرية والدعم، ودفعهم للمشاركة بوضع السياسات والإستراتيجيات والبرامج والمشروعات.. وقد تضمنت تصوراتهم لمعالم مجتمع المستقبل ودور الجيل الجديد في تأسيسه وإعلاء بنيانه في إطار مسؤوليتهم الاجتماعية. نسمع دائما عن تذمر الشباب من اتجاهات الكبار نحوهم،وعن شكواهم من تدخلاتهم ومحاولة السيطرة عليهم من خلال السلطة التقليدية للكبار،والتي يعامل الشباب فيها كأطفال، الأمر الذي يفقد الشباب الشعور بالواجب نحو المجتمع أوالالتزام بالمسؤولية الاجتماعية،لتنقلب الحقيقة جراء ذلك فيُدان الشاب على اعتبار أنه تخلى عن مثل هذه المسؤولية تجاه مجتمعه، ويُعتبر متقاعساً عن واجباته، في حين يطالب بحقوقه على نحو لا يحقق شروط المواطنة المتوازنة.

    ولهذا نجد أن الدول العربية قد استفادت من التجربة العالمية بشقيها الشمولي والطوعي لتقيم كل منها تجربة وطنية ذاتية في التعامل مع المواطنين عامة ومع الشباب خاصة،فيما يتعلق بالمسؤولية الاجتماعية وفي المساهمة الواعية في بناء المستقبل الأفضل للشباب خاصة والمجتمع عامة،واكتفت الهيئات المعنية الرسمية والأهلية،بالتدخل عن طريق التحاور مع أطياف مختلفة من الشباب بالإضافة إلى مفكرين وخبراء،توصل هذا التحاور المتشعب والمطول إلى استراتيجيات وطنية للتعامل مع الشباب ومن اجل الشباب،ولتكون نابعة من الدولة كأجهزة حكومية وهيئات تطوعية وجموع شبابية تعرض مطالبها وتعبر عن معاناة الشباب،ويستمع إلى هؤلاء الشباب المشاركين في اللقاءات التي تفتح الباب واسعا للنقاش،لتتم بلورة سلسلة خطوات وإجراءات متتابعة منطقيا وصالحة للتطبيق واقعيا وتعبر عن حالة التغيير المنشود.

    ويرافق ذلك العمل على تنشيط المبادرات النابعة من الشباب ومن الأندية والروابط والتنظيمات المتصلة أو المعنية بقضايا الشباب، في سبيل تنمية القدرة على الحوار والمشاركة والتعامل بأسلوب ديمقراطي والتخطيط للمستقبل، وكذلك إدراك الحقوق والواجبات وأهمية التشريعات واحترام التعددية والتسامح والمساواة والعدالة،بدون تحيز أو فوارق بين المشاركين بداية وبين الشباب نهاية.

    لطالما ألح الملك عبدالله الثاني على الجميع أن يعملوا من أجل تغيير حقيقي يطال المجتمع الأردني ببنائه الاجتماعي وصرحه الثقافي ومعطياته السياسية. ولذا لم يضمن أوراقه النقاشية وعوداً لا تراعي الزمن والإمكانات، بل اتجهت أساسا إلى كيفية الوصول إلى الإصلاح الشامل بمعناه ومبناه. ويحدد أهم متطلبات التحول الديمقراطي، وهي تعزيز المجتمع المدني، ودوره في مراقبة الأداء السياسي وتطويره لتؤكد ترسيخ الثقافة الديمقراطية في المجتمع الأردني، فتصف كيف يتحلى الأردني المنخرط في الحياة السياسية بالمواطنة الفاعلة، مما يسمح للنقاش بأن يأخذ طريقه الصحي والصحيح للقضايا التي تعني مجتمعنا، في إطار من الاحترام المتبادل حتى في ظل اختلافاتنا التي لن نصل إلى حلول عملية لها، إلاّ عبر الحوار الهادف والبناء، بعد أن يدرك الأردنيون كافة ان العملية السياسية لا تنحصر في القضايا التي تتم مناقشتها تحت قبة البرلمان،بل جميع ما يمس مجتمعاتنا المحلية وحياتنا اليومية كمواطنين.وهكذا يضع جلالة الملك الامور في سياقها الطبيعي ضمن إطار الحياة السياسية ويصف المشاركة السياسية بأنها مسؤولية وواجب، ترتب على كل أردني مسؤوليات تتعلق بكيفية الانخراط في العمل السياسي.





    [19-01-2019 09:18 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع