الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الملكية الدستورية .. صيغ واضحة و نوايا غامضة

    بداية مقالتي تحمل معها العديد من التساؤلات التي تدور في أذهان شعب الأردن بكل فئاته حول الملكية الدستورية . وما لغزهذا النهج ؟؟ وما هو مكانته الدستورية في الدستورالأردني ومدى إمكانية تطبيقه الآن أو في المستقبل ؟؟، هل الملكية في الأردن هي ملكية دستورية مطلقة الصلاحيات؟؟ ام ان المشكلة في تناقض نصوص الدستور نفسه ؟؟..اوالمشكلة في إنتقائية التطبيق والقصد من تغييب الدستور ووجود سلطات فوق الدستور؟؟هل النصوص في واد والواقع في واد آخر؟؟ هل هنالك تخوف فعلي وحقيقي من ان تطبيق الملكية الدستورية سيهمش فئة من الشعب على حساب فئة أخرى وان تؤثر على النسيج الإجتماعي داخل الدولة ؟؟ اسئلة مختلفة نورد بعضا منها لا كلها في هذا الجزء الأول ولنا تكملة أخرى في جزء أخر .
    سنحاول الآن الإجابة لعل وعسى نصل الى ما نصبو اليه , ولكن قبل ذلك احب ان اشير انه وفقا للتصنيفات المعاصرة فان الأردن: يصنّف كبلد ملكي دستوري ..,وكذلك اليابان , حيث ان الملكية الدستورية تقوم على مبدأ الشرعية... النظام الملكي الدستوري أو الملكية المحدودة هو شكل من اشكال الحكم المنشأ بموجب النظام الدستوري الذي يقر انتخاب أو وراثية الملك بوصفه رئيسا للدولة، بدلا من ملكية مطلقة، حيث العاهل ليس ملزما بموجب الدستور وهو المصدر الوحيد للسلطة السياسية.

    الدستور الأردني 1952 ينص في المادة الأولى: (ان نظام الحكم نيابي ملكي وراثي).وهكذا يتبين أن نظام الحكم في الأردن هوملكي دستوري وفقا للنظرية المكتوبة والمثبتة في الدستور. اذا ما الذي يطالب به الحراكيين والحزبيين؟ هل هنالك عدم دراية بحقيقة أن النظام ملكي دستوري ام انه شكلي لا أكثر ؟ بل ان بعض رؤوساء الوزراء كانت ردودهم عن الملكية الدستورية بأنها إخلالا بتوازن نظامنا السياسي ودستورنا ، وأن هذا الطرح يتجاوز الدستورفي حين ينص دستورنا على أن النظام نيابي ملكي وراثي . ما الذي يعنيه ذلك؟ وكيف يكون اخلالا بتوازن النظام السياسي؟ وكيف يتجاوز الدستور؟ إلا اذا كان تضليلا او عدم معرفة ؟ أو تشويش مقصود ؟. اذا حين ينص الدستور على ان " النظام نيابي ملكي ".. بالتالي فالنيابة هي الركن الأساسي الأول المتقدم في بنية النظام في الأردن وان تهميشها اللاحق في نصوص أخرى من الدستور تشكل تناقضا وخرقا واضحيين. في العالم المتحضر يأتي ترتيب رئيس مجلس ممثلي الشعب بعد رأس الدولة أي في المرتبة الثانية وليس المرتبة الرابعة كما هو حاصل عندنا وكما هو مبين في نصوص دستور 1952.

    ربما يقتضي هنا مع الحديث عن الدستور تصحيح بعض المفاهيم الملكية الدستورية فهي ملكية تقوم على الدستور ولكن المطالب لا تركزعلى تطبيق الدستور، ولكن تتعلق بتغيير النظام ، في إتجاه إنشاء نظام برلماني، حيث تكون الحكومة مسؤولة أمام الهيئة التشريعية وهي التي تتولى ممارسة كل الإختصاصات التنفيذية ، ولكن الأجدى المطالبة بتطبيق الدستور , لانه لم يحقق المقاصد التي وجدت من أجلها...خاصة وان مواده تؤكد على سلطة الشعب .

    اذ تنص المادة 24.(1) من الدستور الأردني على أن "الأمة مصدر السلطات،" وتنص المادة ذاتها في الفقرة (2) على "تمارس الأمة سلطاتها على الوجه المبين في هذا الدستور" بينما نجد ان المادة 25 – تنص على ان تناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك ويتألف مجلس الأمة من مجلسي الأعيان والنواب. ..ان المتمعن في النصوص أعلاه يجد بيسر التناقض بين النصين مما يفقدهما الصلاحية ويفرغهما من المضمون فالمادة 24-1 تنص على أن الشعب مصدر السلطات والمادة 25 تنيط سلطة التشريع بثلاث جهات أولها الملك وثانيها مجلس الأعيان وثالثها النواب الجهة المنتخبة من الشعب نفسه .

    المادة (36) الملك يعين أعضاء مجلس الأعيان ويقبل استقالتهم وبالتالي فان عضو هذا المجلس مثله مثل أي موظف يصدر فيه قرار أو ارادة ملكية بالتعيين ولا صفة تمثيلية له وهو فعليا مجلس موظفين .. فكيف تناط مهمة التشريع بمجلس موظفين وكيف تناط سلطة أو جزء من سلطة الشعب بهذا المجلس دون تفويض منه.

    المادة (30) الملك هو رأس الدولة وهو مصون من كل تبعة ومسؤولية, فهو حكما رأس السلطة التشريعية مثلما هو رأس السلطات الأخرى وليس جزءا مستقلا عنها أو مكونا من مكوناتها كما هو وارد في المادة 29 وهناك فرق كبير. وبالتالي فالمسؤول عن تبعية أي اجراء تشريعي هي السلطة التشريعية والتي يفترض أن تكون مفوضة من الشعب وممثلة له.

    في ظل هذا التناقض الواضح لا نستطيع القفز في المجهول ، ولكن للأسف نحن نسير ضمن عملية سلحفائية في الإصلاح تنتهي بعد 20 أو 30 سنة مقبلة ، نحتاج جدولاً زمنياً محدداً واضحاً في الحقيقة، و نحتاج إلى حكومات منتخبة ومسؤولة أمام برلمان منتخب، برلمان يمثل بعدالة المواطنين جميعاً لأن الحكومات جزء من المشكلة في الأردن وليست جزء من الحل، يأتون من دون أن ندري ويذهبون من دون أن نعرف لماذا ذهبوا . ظاهرة الحكومات المتكررة و الحكومات السريعة والعابرة.. يجب إعادة الولاية الدستورية كاملة إلى حكومات منبثقة عن تيار الأغلبية وأقلية معارضة وتوافق أحزاب .....فهل نفعل

    وحمى الله الأردن وشعبه





    [13-01-2019 12:34 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع