الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    البذلة التي تلبسنا

    الدنيا حكايات ...تقول الحكاية بأن رجلا مغتاظا ذهب الى الخياط يحمل قطعة قماشية، ودخل إلى المخيطة دون سلام وخاطبه بانفعال قائلا:
    -بعرف شو بدك تقول ...اول شيء رح تقول انه القطعة ما رح تكفي لتفصيل بذلة ع قياسي ، مشان تسرق منها، وبعدين بتقول انك رح اتدبرها ، ورح ترفع الأجرة علي، لكن لازم ارجع بعد اسبوعين لأنك مشغول..اقوللك ؟؟؟؟ يلعن ابوك على ابو اللي بده يشتغل عندك.
    ثم يطرق الباب ويخرج بغضب، ويعود الى زوجته فيقول لها:
    -بعرف اني لو اقولك اني تهاوشت انا والخياط اليوم ونويت ما أكسر راسه لأنه حاول يسرقني ويأخرني ..لو اقوللك هالحكي ما رح اتصدقيني ..اقوللك؟؟؟ يلعن ابوكي على ابو اللي بدو يحكيلك اشي.
    هذا المغتاظ، تحول لدينا الى شعب مغتاظ.....يفكر بغيض ويتصرف بغيظ. قد يقول قائل ان لدينا الحق في ان نغتاظ نظرا لما يحصل ضدنا ، ونظرا لهزائمنا المتلاحقة وتآمر الأمريكان وحلفاؤهم علينا ..وهذا صحيح تماما ..لكن الغيظ لا يحل المشكلة ، بل يزيدها تعقيدا.
    اذا وقعت في مشكلة وشرعت في التعبير عن ذلك بالتكسير والسب والشتم ، فإنك بلا شك تزيد من توريط نفسك وتغرق في مشكلتك التي لا يمكن حلها، الا بأن تفكر فيها بعقلانية وتحللها الى عواملها الأولية ، لتبحث عن طرق للخروج منها.
    للأسف فإن الغيظ والكراهية توحد الشعوب اكثر مما يوحدها ويجمعها الحب ، وهذا ما حصل مع الفاشية والنازية ، لكن انظروا الى النتيجة!! وربما فشل تطبيق الشيوعية في الدول الإشتراكية ، لأن الشيوعية لم تستطع أن تكون مغتاظة بدرجة كافية .
    ما اسهل الغيظ والكراهية .هناك من يفكر عنك، ويقول لك اقتل فلان، واقطع رأس علان ، وفجر نفسك بهولاء،فتدخل الجنة..هكذا بكل سهولة ..وأنت تصدق ذلك ، لأنه ينفس غيظك ويوصلك الى نهاية سعيدة كما تعتقد.
    لكن الغيظ على المستوى البعيد ، حتى لو حقق احلامك، في الانتقام من المعتدي ، او من الآخر (اي آخر)، فإنه يفقدك انسانيتك ويجبرك على التخلي عن القيم الإنسانية التي كنت تدافع عنها.





    [10-01-2019 08:24 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع