الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الأردن .. الى أين نتجه ؟؟؟

    الأصوات حولنا تعلو يوما بعد أخرعن ما نعانيه من ويلات إقتصادية لا تنتهي , تزداد فجوتها إتساعا دون ردم أو حلول ملموسة . بل تزداد سوء مع ترابطها بالأحداث السياسية التي تجعل الواقع أكثر تعقيدا .


    دعونا نتكلم بلغة الأرقام بداية قبل أن نحلل أزمتنا المتراكمة أو كما وصفها تقرير "حالة البلد" للمجلس الإقتصادي والإجتماعي بأن الأردن يعيش أزمة إقتصادية وإجتماعية مركبة بل ونضيف للتشخيص كلمة أزمة سياسية لأنها لب الأزمة التي نتعايش بداخلها , خاصة وأن التقرير ذكر أنّه تعاقب على الوزارات خلال الـ18 سنة الماضية 443 وزيراً، تكرّر منهم 166 وزيراً، وأنّ المشكلة الأساسية التي واجهت الحكومات المتعاقبة تكمن في عجزها المتكرر والمتراكم عن تحقيق أهدافها ، وبالتالي إتساع فجوة الثقة بين المواطنين وبين هذه الحكومات، إذن فنحن نتكلم عن شعب لا يثق بالحكومة وبقراراتها وسيشكك في أي إجراءات إقتصادية جديدة قد تتخذ.

    وبالعودة للغة الأرقام في الأردن نجد أن نسبة البطالة قفزت إلى 18.5% , وارتفاع معدل الفقر لأكثر من 20%، مع رفع ضريبة المبيعات لتصل أسعار بعض السلع لثلاثة أضعاف قيمتها السعرية الأصلية.وإلغاء الدعم عن الخبز لترتفع أسعاره بنسبة 100% وارتفاع سعر الوقود ، والأوضاع المعيشية للمواطنين في إنحدار مستمر، وهذا العام كان الأسوأ خلال العشر سنوات الماضية والعام المقبل لن يكون أفضل حالا ، فقد حل المواطن الأردني في المرتبة الحادية عشرة عربيا، بين 19 دولة عربية، لناحية متوسط الدخل الفردي مقاسا بحصة المواطن من الناتج المحلي الاجمالي ويقل متوسط دخل الفرد الأردني البالغ 5200 دولار عن المتوسط العربي البالغ 8200 دولارسنويا .

    فهناك تآكل مستمر للطبقة المتوسطة، التي كانت تشكل 41% من إجمالي السكان عام 2008، بينما أضحت 28% في 2018، على الرغم من الإعلانات الحكومية المستمرة بالعمل على حمايتها. بل بعض التقارير تفيد إن “نسبة الطبقة الفقيرة في الأردن قد تتجاوز 70% من السكان خلال عام 2019 وأن خط الفقر في المملكة يقدر حالياً بنحو 1146 دولاراً للأسرة شهرياً.؟؟؟؟ وهو ما لا تتحصل عليه الغالبية العظمى لأن معدل الرواتب الشهرية لا تتجاوز ال450 دينار. فالطبقة الوسطى تشعرأنها فقيرة، في حين تزداد الطبقة الفقيرة فقرًا.

    بسبب الإنخفاض الحاد في القدرة الشرائية، و أصبح هناك فقراء وأغنياء فقط على الأغلب.
    كما أفادت بعض التقارير أن نسبة الإلتحاق بالمدارس الخاصة - وهي مكافأة تقليدية لأطفال الطبقة الوسطى في المملكة - آخذة في التدني، مما يشير إلى إنخفاض الدخل المتاح. وفي الوقت نفسه، ارتفاع معدل الطلاق بين عامي 2015 و 2018 بأكثر من ثلاثة أضعاف إلى 7 %، ويعود ذلك على الأرجح، جزئياً على الأقل، إلى الضغوط المالية.

    وهو الأمر بالنسبة لمعدلات الانتحار حيث أخذت هي الأخرى في الارتفاع أيضاً. كما صدر عن مؤسسة نامبيو، مؤشر تكلفة المعيشة العالمي لعام 2018، والذي يقيس تكاليف المعيشة في 117 دولة في العالم، وفقًا لعدة معايير تتضمن: سعر إيجار السكن، وأسعار المنتجات وأسعار المطاعم، وكذلك القيمة الشرائية المحلية، لتحتل الأردن مرتبة متقدمة بعد دول خليجية معروفة بعينها يدعمها إقتصادها النفطي.

    ونحن بلد إقتصادنا غير منتج نسبة الدين إلى "الناتج المحلي الإجمالي" تجاوزت حالياً 95 %. وتستحوذ خدمة هذا الدين على أكثر من 10 % من ميزانية عمّان البالغة 13 مليار دولار وستستمر في الزيادة. وسعى الأردن و"صندوق النقد الدولي" إلى معالجة هذه المشاكل من خلال برنامج وصلت قيمته إلى 773 مليون دولار يمتد حتى عام 2019 وتطلّب فرض المملكة ضرائب إضافية. دون أي فائدة تذكر لرتق الثقب الإقتصادي .
    اما حسب التصنيف العالمي لمؤشرات الفساد؛ الذي يتم وضعه من قِبَل منظمة الشفافية العالمية إحتل الأردن المركز 57 بمرتبة متقدمة ،بين إساءة استعمال السلطة، وهدرالمال العام، والتهرب الضريبي وواسطة ومحسوبية، والإخلال بالواجبات الوظيفية، واحتيال واستثمار الوظيفة والتزويروغيره .

    ربما أصابكم الصداع من زخم الأرقام الموجودة لكنها للأسف نقطة من فيض فما زال هنالك في الجب الكثير , دعونا ننتقل بأرقامنا الى الجانب السياسي من الأزمة والتي تهدف الى تجويع الأردن وخلق ثغرة للضغط الشعبي والسياسي والإستراتيجي نظرا للتغيرات في إقليم الشرق الأوسط.

    الأردن يقول إنه يستضيف 1.3 مليون سوري منهم نحو 650 ألف لاجئ، بحسب أرقام الأمم المتحدة، وتقدر تكلفة اللاجئين السوريين على الأردن بنحو 10 مليارات دولار.

    إضافة الى حرب العراق، إذ هوت صادرات الأردن من 1.3 مليار دولار في2013 إلى 500 مليون دولار في 2017. و إغلاق الحدود مع سوريا الذي حرم الأردن من صادرات بنحو 300 مليون دولار سنويا. كذلك انخفض مقدار الدعم الخارجي والذي يعتمد عليه الأردن كثيرا في تغطية عجز الميزانية بشكل ملحوظ من مليار وستمئة مليون دولار في 2014 إلى مليار دولار في 2018، ومع جمع هذه المنعطفات الاقتصادية مجتمعة، ستبلغ تكلفتها نحو 20 مليار دولار أي حوالي ضعف الميزانية الأردنية الحالية.
    ومع ازمة تمويل الأونروا والقرار الأمريكي بقطع الدعم عنها يجد الأردن نفسه متكفلا بتقديم خدمات إغاثية لأكثر من 1.1 مليون فلسطيني كل عام، والعديد منهم لا يحصلون إلا على القليل من نظام الرعاية الصحية الأردني. بالإضافة إلى ذلك، تقدم الأونروا قروض التمويل الصغرى للفلسطينيين في الأردن، وشهد عام 2015 توزيع 14.24 مليون دولار على شكل قروض.

    ومن شأن أي تعطيل أو نقص في نوعية هذه الخدمات بسبب نقص الأموال أن يؤدي إلى تفاقم حالتها الاقتصادية الهشة بالفعل و، ستواجه المملكة صعوبة في تحمل التكلفة المتزايدة لرعاية اللاجئين الفلسطينيين إذا فشلت في تأمين التمويل الكافي للأونروا.

    وهو ضغط مقصود من أجل تمرير صفقة القرن بلا اي مناورات سياسية او شعبية .الأردن في منطقة مضطربة وتحدياته خطيرة . لكن مع القلق الاقتصادي إنخفض عدد الأردنيين الذين يعتقدون أن حكومتهم تفعل كل ما في وسعها لخدمة شعبها إلى 35%، مقارنة بحوالي 66% يرون أن الأمور تسير في الإتجاه الخاطئ مع فقدان تام بالثقة وهو المقصد الأول من سياسة التجويع التي تفرض علينا لتحويل الأردن الى وطن بديل .

    مما يعني ان الحلول يجب ان تكون جوهرية قاطعة ,لكن كيف ونحن نعاني على مستويات عدة من التفكك الداخلي والعزلة الخارجية والضغوط الدولية .
    مع ما تشهده الآن المنطقة من إنكشاف جزئي والتلاعب الروسي الإيراني والرسائل الضمنية السورية الى الأردن ربما آن الأوان للخروج من عزلتنا السياسية وتغيير خيارتنا الخارجية مع دول الخليج الضاغطة والمهينة في الوقت نفسه والمشروطة بمطالب تتعارض والدور الإقليمي الأردني لعل الأدوار والسيناريوهات تختلف , ولعل الشعب يعي ما يدور حوله.
    واخيرا ..السياسة عربة تجرها خيول الأقتصاد ,خيول القوة والصبر والجموح.وإلا فلن تكون.





    [29-12-2018 05:03 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع