الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    سورية بلا أزمة

    في اللقاء الأخير مع كتاب صحفيين تحدث الملك عبدالله الثاني عن سورية بدفء شديد. لم يكتف بتمنياته للسوريين بالخير والاستقرار، بل وضع في الاعتبار العلاقة مع سورية مستقبلا، خاصة في مجالات التعاون الثنائي، وتناول هذا الجانب بإسهاب.

    خلال مباحثاته مع نظيره الروسي في موسكو يوم أمس، أعاد وزير الخارجية أيمن الصفدي التأكيد على جملة سياسية طالما كررها في الأشهر القليلة الماضية مفادها أن الأردن يدعم وبقوة عودة الدور العربي في سورية، لمساعدة الأشقاء هناك على استعادة الاستقرار والأمن ودحر الجماعات الإرهابية، بما يضمن وحدة بلادهم أرضا وشعبا وعودة اللاجئين والمهجرين إلى ديارهم.

    الأردن وكما هو معروف لم يقطع علاقاته الدبلوماسية مع سورية كحال دول عربية كثيرة، لكن مستوى التمثيل الدبلوماسي انخفض بشكل ملموس بين البلدين. بعد تسوية ملف الجنوب السوري بطريقة دبلوماسية جنبت السوريين كارثة إنسانية كما قال الصفدي في موسكو، والتفاهم على إجراءات أمنية وفنية متبادلة، تم فتح معبر جابر الحدودي وبدأت حركة المسافرين تعود إلى طبيعتها.

    كان المأمول أردنيا ان تشهد حركة التبادل التجاري زخما أكبر، لكن القطاعات التجارية على الجانبين تشتكي من معيقات يضعها الجانب السوري وتتمثل بقائمة طويلة من السلع الأردنية المستثناة من دخول الأراضي السورية، إضافة إلى اشتراط حصول المصدرين السوريين على رخصة قبل تصدير بضائعهم للأردن.

    عمان مستعدة كما يبدو لرفع مستوى تمثيلها الدبلوماسي درجة واحدة مع دمشق قريبا، لمواكبة التطور في علاقات البلدين على المستوى الاقتصادي، ولا يوجد أي موانع تحول دون خطوات أبعد في المستقبل القريب، بالتزامن مع ارتفاع وتيرة التنسيق الأردني الروسي لتفكيك مخيم الركبان القريب من الحدود الأردنية، وتنسيق الخطوات المشتركة لتمكين اللاجئين السوريين من العودة الطوعية لبلادهم، ومواصلة العمل مع موسكو والقوات الحليفة للقضاء على ما تبقى من جيوب للمجموعات الإرهابية في عموم الأراضي السورية.

    إعلان واشنطن سحب قواتها من سورية، والتخلي عن أي دور سياسي فعلي في الأزمة، كان بمثابة ضوء أخضر لدول عربية لإنهاء حالة القطيعة مع دمشق. وفي هذا السياق يمكن قراءة القرار الإماراتي بإعادة فتح سفارتها في دمشق، وتنشيط البحرين لدورها الدبلوماسي هناك، إضافة لزيارة الرئيس السوداني المفاجئة لدمشق.

    دول المغرب العربي بصدد تجديد حضورها في سورية، ومصر كحال الأردن منفتحة من قبل على دمشق.

    من الناحية العملية يمكن القول إن حالة القطيعة العربية مع دمشق انتهت كليا باستثناء عدد قليل جدا من الدول التي تبحث عن مخرج للعلاقة مع سورية.

    بمعنى آخر لم يبق هناك أي عذر لتجاهل الدعوة الأردنية المبطنة بإنهاء قرار تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية، ومعاودة دورها كالمعتاد. دول عربية مثل تونس ولبنان تدعم هذه الدعوة، وهناك توجه لدعوة سورية لحضور القمة الاقتصادية العربية في بيروت، لكن الموقف من مشاركة سورية في القمة العربية المقبلة لم يتضح بعد.

    المرجح أن العام الجديد سيشهد تحولا كبيرا في العلاقات العربية مع سورية، لكن ما يطمح إليه كل العرب أن يشكل ذلك نهاية لشيء اسمه الأزمة السورية، وتعود سورية لأمتها بلا أزمة.





    [29-12-2018 12:07 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع