الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    هجمة الأخبار الملفقة

    اشتدت وتيرة الأخبار المفبركة في الأيام الأخيرة، وبتركيز أكبر على مؤسسات الدولة السيادية كالجيش العربي في محاولة لإغراق البلاد بأزمة شكوك عميقة، لتبرير خطاب راديكالي يضرب مقومات وجود الدولة الأردنية.
    ما أن تنجح الجهات المعنية بمحاصرة خبر مفبرك عن بيع أراض للجيش في تلاع العلي، حتى تنتشر إشاعة جديدة عن بيع أراضي مدينة الحسين الطبية، وأخرى عن مطار ماركا، يرافقها سيل من القصص الملفقة والمقززة، واتهامات لا أساس لها في قضية التبغ، دفعت بالنائب العام لمحكمة أمن الدولة إلى منع النشر نهائيا في القضية تحت طائلة المسؤولية القانونية.
    هجمة الأخبار الملفقة تزايدت بشكل ملحوظ في وقت سددت فيه الدولة ضربة قوية لشبكة الفساد تمثلت بالقبض على المطلوب الأول في قضية التبغ عوني ومطيع وجلبه من تركيا للمثول أمام القضاء. وبالتزامن مع قرار ملكي بإصدار عفو عام انتظره الآلاف من الأردنيين.
    ويمكن للمراقبين أن يلاحظوا بسهولة توقيت ضخ الأخبار الملفقة قبل نهاية الأسبوع بقليل في محاولة لتأمين الحشد للوقفة الاحتجاجية مساء يوم الخميس.
    الوقفات الاحتجاجية الأسبوعية فقدت بعضا من زخمها بعد القبض على مطيع والتوجه لإصدار قانون العفو العام وسحب تعديلات قانون الجرائم الإلكترونية وإطلاق سراح الموقوفين على خلفية سياسية، وسلسلة اللقاءات الحوارية التي بدأت على مختلف المستويات في مؤسسات الدولة.
    لقد كانت هذه المواضيع وغيرها شعارات رئيسية لوقفات الاحتجاج في الأسابيع الماضية، وبعد أن انتفت مبررات رفعها من جديد تحركت قوى خفية لإثارة عناوين غاية في الخطورة، في محاولة لتعويض الزخم بالمشاركين، فما كان من صناع الأخبار الملفقة سوى ترويج المزيد من الإشاعات، لسد النقص في الشعارات.
    أن تكون ناشطا حراكيا أو”صاحب بسطة سياسية” على حد وصف الزميل أحمد أبو خليل، أو عضوا في حزب سياسي معارض فأنت لاتحتاج إلى تلفيق العناوين السياسية وابتداع القصص لتبرير معارضتك لبرامج وسياسات الحكومات، فهناك من المواضيع والقضايا الجادة التي تمكنك من انتاج برنامج متكامل لمعارضة نهج الحكومات، وتقديم مقاربات بديلة للسياسات القائمة. والإصلاح لايقوم على نقد الواقع فقط، بل البناء عليه وتطويره بما يتاح من الإمكانيات والوسائل. هذا ماتعلمناه من تجربة الربيع العربي، فكل تجربة قامت على مبدأ الهدم فشلت في البناء.
    لكن تيارا غريبا في الساحة الأردنية يحاول جاهدا إعادة إنتاج خطاب سنوات مضت، قام على تحطيم سمعة المؤسسات، والحط من مكانتها، والترويج لمقولة مفادها أن إصلاحها غير ممكن أبدا دون اكتراث لتبعات هذه السياسة على مستقبل البلاد.
    كان لسلوك بعض المسؤولين في دوائر ومؤسسات الحكم أثر سيىء على صورة هذه المؤسسات ودورها. لكن هذا ليس حكرا على الأردن وحده فدول العالم كلها عرضة لتجاوزات وممارسات خاطئة تعالج بوسائل عديدة ليس من بينها أبدا هدم هذه المؤسسات وتحطيمها.
    هناك بيننا من يحرص على تأبيد اليأس في قلوب المواطنين، وقطع أي أمل بالاصلاح والتغيير. فحين يأتيهم خبر القبض على مطيع الذي ظل مطلبا أولا للجميع، يلقون به في النار وكأنه حدث بلا قيمة، مطالبين بالقبض على من يقف خلفه ومعه فورا وبعد 24 ساعة من توقيفه!





    [23-12-2018 09:47 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع