الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الأسد وبشرى البشير .. تفاؤل ليس بمكانه

    لم يخفى على أحد لمعان أعين بشار الأسد خلال زيارة عمر البشير مع وفده الرسمي إلى سوريا. وربما توقع الكثير منا أنها بداية لمرحلة جديدة من الإنطلاقة السياسية.. هذا التفاؤل يعطي للمحللين المتواضعين بصيص أمل بأن الأيام المقبلة تحمل البشرى.. لكن رؤية أسنان الذئب لا تعنى انه يبتسم.. هناك دائما نوايا مختلفة مع ان علم السياسة لا يعترف بالنوايا.. بل بالمصالح المتضاربة وطموحاتها المتنافسة للسيطرة والتي تزداد فرصها لدى القوى الإقليمية والدولية مما يزيد من خطورة اندلاع صراع واسع من أي شرارة بسيطة حتى لو كانت بوادر سلام.

    وفي محاولة لتحليل الوضع السوري والتكهن بما سيؤول إليه الوضع مستقبلا، رغم الهدوء النسبي الظاهر والذي يشبه هدوء العاصفة خاصة بعد فتح بعض المعابر وعودة السياق التجاري والتفاعلي على الحدود مع بعض الدول، الا ان التحليل الأعمق أن العام المقبل قد يحمل صراعا أكبر بكثير، لكنه هذه المرة لن يكون صراعا أهليا فقط. وإنما مزيجا غوغائيا خاصة مع تطور الأحداث الحربوسياسية في الإقليم.

    على مدار الأعوام السبع الفائتة، اتجهت عدة قوى إقليمية وعالمية إلى سوريا لتحقيق أجنداتها الخاصة المختلفة مثل تركيا، وإسرائيل، وإيران، وأمريكا، وروسيا، دون أي صراع مفتوح علنا، لكن الأطماع تتكاثر وفقا للبيئة السياسية المتشابكة في إقليم الشرق الأوسط، فمن جهة، إيران مع العقوبات الأمريكية المزعومة يزداد طموحها في السيطرة على مزيد من المناطق وخاصة المنطقتين الرئيسيين، الشمال، وشمال الغرب، حيث تسيطر المعارضةالمدعومة من تركيا، والشرق وشمال الشرق، حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من أمريكا . وإذا تفاقم العداء المعلن بين واشنطن وطهران في 2019،ربما يتسبب أي تشابك بين القوات الإيرانية وقوات سورياالديمقراطية في نشوب صراع أكبر في سوريا بين أمريكا وإيران. والذي سيجر بدوره القوات السورية ولن تكون القوات الروسية بمعزل هنا عن الصراع لتصبح الساحة السورية أكثر إكتظاظا ولا ننسى دور دول الخليج الذي يشكل دينامو رحى الصراع.

    تركيا بدورها التي بدأت تنفذ خطتها العسكرية في شمال الفرات وتستهدف قوات الشعب الكردية مع سكوت أمريكي خاصة مع تبعات أزمة خاشقجي إذ أصبحت ساحة المناورة ملك للملعب التركي. والذي ربما يحد من قدرة دمشق وطهران على مهاجمتها، لكن هل ستبقى قوات الجيش السوري راكدة تماما. ونحن نتحدث هنا عن ورقة الجوكر محافظة إدلب، وان حصلت دمشق على مساعدة روسيا في تلك العمليات العسكرية في إدلب، خاصة وأن دعم الكرملين لهجوم إيراني سوري على إدلب سيكون حاضرا بقوة، مما قد يتسبب في صراع مباشر مع تركيا.

    لكن رغم الصراع المقبل تبحث سوريا عن علاقة مسالمة مع تركيا، فهل ستعود موسكو إلى بدايتها الأولى من المواجهة مع أنقرة وتتكرر السيناريوهات؟ خاصة اذا لم تبذل الأخيرة اي مساعي اتجاه تفكيك فصائل المعارضة المتطرفة. فقد تلجأ تركيا لشن حملة سرية بإغتيال قادة بارزين وتحريض المقاتلين العرب في قوات سوريا الديمقراطية على التمرد واللعب من تحت الطاولة. وأيا كان نهج تركيا، فهي لن تقف مكتوفة الأيدي.

    إسرائيل كذلك لديها أسبابها لتغوص في الساحة المكتظة، أولها إيران، والفشل الواضح في غزة، وتطور الأحداث على الأراضي الفلسطينية، وتحدي الإنتخابات الإسرائيلية المقبلة، وتهديد الحرب مع حزب الله على الأراضي اللبنانية ولعبة الأنفاق التي يتم تفخيخها على الحدود، والتربص الروسي لأي هجمات متوقعة.

    في ظل كل هذا الوضع الذي يقبل المزايدة، ربما تتسبب هجمات إسرائيل ضد الأهداف الإيرانية وحزب الله في نشوب مواجهة بين القوات الإسرائيلية ونظيرتها الروسية، أو حرب أوسع مع إيران في إقليم الشرق الأوسط، ويتضمن صراعا أوسع مع حزب الله في لبنان وعنف قادم في غزة وتأثير واضح على الدول المجاورة أولها الأردن.

    جدلية الصراع قائمة وتشابك القوى الإقليمية تفرض نفسها بقوة في إقليم شرق أوسطي لن يهدأ... بإفتعال أزمات من حكومات تقتات بعضها بعضا.....





    [18-12-2018 01:38 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع