الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    كلاشيه تغيير النهج

    هناك كلاشيه جاهز درج اقتصاديون وسياسيون وإعلاميون على استخدامه يوميا وهو «تغيير النهج» ومن حاز قصب السبق فيه هو الرئيس عمر الرزاز واظنه كان يقصد تغيير السياسات، فنهج الدولة لا يجوز أن يتغير تبعا لأهواء وأمزجة ولا احتجاجات آنية كأن تحول الدولة مسارها من الوسطية والاعتدال إلى التطرف أو من اقتصاد السوق الى الاشتراكية أو تنقلب فجأة من رأسمالية إلى شيوعية وهو ما لا يحدث إلا في الانقلابات العسكرية أو الثورات الشعبية.

    تغيير النهج هو دعوة غير واضحة فما هو النهج المرغوب في تغييره وما هو النهج المطلوب التحول إليه, هذا الشعار يفترض أن النهج السائد خطأ ينبغي تصويبه لأنه أدى إلى الفشل،وأوصلنا إلى حالة صعبة، فهل هذا صحيح ؟

    إن كان كذلك،لماذا يمتدح العالم النهج الاقتصادي في الأردن وإنجازاته وتطوره بالرغم من شح الموارد، وقد سمعناها من زوارنا من الاشقاء في الخليج أن البنية التحتية والتعليم والجامعات والمستشفيات والطرق تضاهي مثيلاتها في الدول النفطية وأن الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير تضعنا في مصاف دول أوروبا وأن نظامنا السياسي رصين غير مغامر وحكيم استطاع أن يخترق بنا نيران وعواصف من حولنا دون أن نحترق.

    إذا كان الأمر يتعلق بالسياسات والقرارات التي تعيق الاقتصاد باستبدالها بأخرى من شأنها تحقيق النمو الاقتصادي ، ورفع مستوى المعيشة، وزيادة الإنتاج، وإيجاد فرص عمل، وسد عجز الموازنة العامة، وتخفيض المديوينة، وتشجيع الاستثمار، ومحاربة الفساد، فهذا ما تسعى لأن تفعله السياسات الراهنة، ماذا سيقدم لنا دعاة تغيير النهج وقد أخذ معظمهم فرصته؟وما هي الحلول من غير ما هو مطروح على الطاولة الآن !؟.

    لعل ما يقصده دعاة تغيير النهج هو حل الأزمة الاقتصادية بعيداً عن الجباية من جيوب المواطنين.بتخفيض الضرائب والعودة الى دعم السلع والخدمات لإرضاء الشـارع وهم يعرفون أن ذلك لن يؤدي الى حل الأزمة بل الى تفاقمها وهو لن يؤدي الى تخفيض المديونية بل إلى زيادتها، وهو لن يخفض العجز بل سيضاعفه، وهو ما سيقود في النهاية الى فرض الضرائب بوتيرة أعلى.

    هذه شعارات تطرب لها الأذان مع انها قنابل دخانية تعمي البصر وتزكم الأنوف غايتها التضليل ومضيعة الوقت واستعادة شعبية مفقودة على حساب المصلحة العامة.

    المطلوب أن يقول لنا أصحاب هذا الشـعار ما الذي يحتاج إلى تغيير، الدستور أم القوانين أم الحكومات أم السياسـات الاقتصادية والاجتماعية.

    ما لم تتحدد مضامين التغيير المطلوب ووسائل تحقيقـه سيبقى مجرد شعار براق وفارغ لا فائدة منه.





    [16-12-2018 10:03 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع