الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    مصفوفة الحكومة والمحاسبة الناقصة!

    التزمت الحكومة، وهي تنشر أول من أمس توصيات اللجان التي حققت ودققت في أداء مختلف الجهات بحادثة البحر الميت وتداعياتها، بإصدار عدد من التشريعات من أنظمة وتعليمات التي تمكن من تلافي أية سلبيات وقصور أسهم بوقوع الكارثة، إضافة الى التعهد بإنجاز مشاريع وتطوير لأجهزة وآليات، تساعد بالحد من أضرار الكوارث الطبيعية المحتملة مستقبلا.

    التزامات الحكومة المفصلة بالمصفوفة المنشورة أول من أمس جيدة ومطلوبة، لكن يؤخذ على ما نشر من نتائج لجان التحقيق والتزامات الحكومة عدم التطرق الى المسؤوليات الإدارية والوظيفية، ولا نقول القضائية التي مكانها الآن في القضاء، التي يتحمل أصحابها من مسؤولين أو موظفين جزءا من المسؤولية عن الارتباك والتقصير الذي جرى في عمليات الإنقاذ والإخلاء للضحايا، وغيرها من تداعيات للفاجعة.

    من تحمل المسؤولية السياسية والأدبية عن الفاجعة كان وزيرا التربية والتعليم والتعليم العالي المستقيل عزمي محافظة ووزيرة السياحة المستقيلة لينا عناب، وهما استقالتان جاءتا في سياق صحيح، إلا أن تقارير لجان التحقيق كشفت وفصّلت في أوجه قصور وارتباك وسوء ادارة للأزمة شابت اداء وزارات ومؤسسات اخرى، كوزارتي الداخلية والصحة وغيرهما، وهو ما لم تتطرق إليه مصفوفة الحكومة لتنفيذ توصيات اللجان، ما يثير الاستغراب.

    يكفي أن نستذكر هنا الخطأ الكارثي باستبدال جثتي طفلتين من الضحايا خلال تسليمهما لعائلتيهما، بل ومعاندة ادارة المركز الوطني للطب الشرعي في البدايات لأهل إحدى الضحيتين قبل أن يعود ويقر بالخطأ بعد فحص الحمض النووي، لكن بعد أن كانت ابنة هذه العائلة قد دفنت باسم آخر ومن قبل عائلة الضحية الثانية. كنا ننتظر محاسبة إدارية وأدبية على الأقل، ولن نقول قضائية لمثل هذا الخطأ، لا أن نكتفي فقط بالإقرار بالخطأ ونشدد على ضرورة اعتماد فحص الحمض النووي للجثث بالكوارث المقبلة!

    ثم، لماذا لم نر محاسبة ونقدا ذاتيا من قبل الحكومة، غير ما توصلت اليه لجان التحقيق، لعمل وزارة الداخلية والارتباك الذي جرى وأخر بدء عمليات الانقاذ والاخلاء للضحايا، وغيرها من أوجه قصور تحدثت عنها التقارير بتفصيل!

    بعد آخر مهم في هذا السياق، هو الكلف المالية للمشاريع والأجهزة الفنية من نقاط رصد وصيانة جسور وإقامة مصدات هواء بمناطق السيول وتطوير أجهزة وأنظمة رصد الطقس وغيرها، كلها امور هامة وضرورية ونأمل أن تلتزم بها الحكومة وأن توفر التمويل المناسب لها لاستكمالها بأسرع وقت لنكون جاهزين بمواجهة الظروف الطارئة على غرار فاجعة البحر الميت، التي ندعو الله أن لا تتكرر بمآسيها.

    ومن المفيد هنا التاكيد على أن شبه الإجماع في تقارير لجان التحقيق وحتى في تصريحات مسؤولي الحكومة، من ضرورة التركيز على انعقاد خلية أزمة عند أي ظروف طارئة، تضم كل الجهات المعنية للعمل بتنسيق وتكاملية وفعالية، هو أمر هام وذو أولوية، ما يستدعي حقا تفعيل عمل مركز ادارة الأزمات وتوفير كل الامكانيات له، والأهم الايمان حقا بدوره وضرورته لمتابعة اية كارثة تقع لا سمح الله، بل والسعي الى اجراءات وقائية قدر الإمكان، وذلك لنتجاوز الارتباك والتعثر والتسريع بعمليات الإنقاذ والإخلاء كما جرى في فاجعة البحر الميت.

    وحسنا فعل رئيس الوزراء د. عمر الرزاز، الذي عقد اول من أمس، وبعد ساعات قليلة من إصدار الحكومة لمصفوفة توصيات لجان التحقيق والالتزامات الحكومية تجاهها، اجتماعا بمركز الأزمات، مؤكدا على دور المركز وضرورة تفعيله ودعمه من قبل الحكومة وباقي اجهزة الدولة ليقوم بدوره بتنسيق الجهود بالظروف الطارئة. ونأمل ان لا يكون التأكيد الحكومي على دور هذا المركز موسميا ومجرد فزعة، يذوب أثرها مع مرور الايام والابتعاد الزمني لذكرى ضحايا فاجعة البحر الميت الأليمة.





    [13-12-2018 01:57 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع