الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الوكيل واربيحات وما في الذاكرة عن حتر

    أوقف المدعي العام الزميلين محمد الوكيل وغدير اربيحات، على خلفية نشر موقع “الوكيل الإخباري” صورة مسيئة للسيد المسيح عليه السلام. الصورة نشرت لوقت قصير على الموقع وتم سحبها مع اعتذار.

    في كل الأحوال حق اللجوء إلى القضاء مكفول للجميع، ولا شك أن الصورة تنطوي على إساءة يرفضها المجتمع ويجرمها القانون الأردني، بينما الحال مختلف تماما في المجتمعات الغربية.

    لكن التوقيف قبل صدور الحكم القضائي في القضية يعد إدانة مسبقة، طالما اعترض عليها الصحفيون والهيئات النقابية والحقوقية والمدنية. وفي وقت أبطل فيه قانون المطبوعات والنشر عقوبة توقيف الصحفيين، ما تزال تشريعات أخرى تسمح بذلك، ورغم الحملات المكثفة لنقابة الصحفيين ونشطاء الحريات، إلا أن هذا الإجراء ما يزال معمولا فيه للأسف.

    حين تداولت وسائل الإعلام خبر توقيف الزميلين الوكيل واربيحات، عادت بنا الذاكرة للقصة المؤلمة؛ فاجعة اغتيال المرحوم ناهض حتر، المفكر والسياسي والصحفي الأردني. ثمة تشابه كبير بين موضوع القضيتين، وحملة التحريض التي شنها متشددون بحق ناهض أفضت إلى توقيفه، ما اعتبر دليل إدانة من طرف أوساط متطرفين، انتهت بإقدام شخص مهووس على قتله على أدراج قصر العدل.

    وقف التيار العريض من الأردنيين ضد هذه الجريمة النكراء، لكن الأهم من ذلك الدروس المستخلصة منها.

    من منا يريد تكرار تلك الحادثة المؤلمة وما جلبته من تداعيات خطيرة على السلم الأهلي في الأردن؟ كانت حملة التحريض على المرحوم حتر عملا غير أخلاقي انتهى إلى جريمة بشعة، وقرار توقيفه لم يخدم أبدا القضية.

    هذا أهم درس تعلمناه من تلك الحادثة الأليمة، وأجزم أن ما من أحد يرغب باستعادة تلك اللحظة. على العكس تماما، فالمطلوب التعامل بسياق مختلف مع قضية الزميلين، ومعالجتها في المجالين القانوني والأخلاقي، من دون أن نرضخ لتلك اللحظة أو محاولة استعادتها لتسكين ضمائرنا. ناهض الذي عرفته لو كان أطل علينا اليوم لرفض هذا المبدأ في المعالجة انتصارا لقيمنا التي استشهد وهو يدافع عنها.

    نحترم قرارات السلطة القضائية ونصدع لأمرها، لكن التوقيف يبقي القضية مفتوحة للنقاش العام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي التي تعج بثقافة الكراهية وإقصاء الآخر، وتغذي النعرات الدينية والطائفية، وتشحن الطاقة السلبية في النفوس، بينما المسار القضائي يضع القضية في سياقها القانوني ويغلق الباب في وجه المتطرفين والمتشددين، ويمنع التأويلات الناقصة، والمحاولات الشريرة لتوظيف الحادثة لتأليب مكونات المجتمع على بعضها.

    أضم صوتي إلى أصوات المطالبين بتكفيل الزميلين محمد الوكيل وغدير اربيحات، وانتظار حكم القضاء العادل في القضية، ومنح القوى الخيرة من مختلف الأطراف فرصة التواصل لتجاوز المشكلة.

    إرثنا الطويل والمشرف من التعايش خذلنا في قضية الشهيد ناهض حتر، وهذه المرة هي فرصة لإعادة الاعتبار لهذا الإرث والانتصار له قبل أن ننحاز لحرية الصحافة والحق بمحاكمة عادلة من دون توقيف مسبق.





    [12-12-2018 09:38 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع