الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    خطة الحكومة ومربط الفرس!

    رغم الإحباط الذي أشاعه إقرار مشروع قانون ضريبة الدخل المعدل بما رتبه من أعباء جديدة، سواء على شرائح من المواطنين أو على قطاعات اقتصادية تعاني أصلا، فإن إعلان رئيس الوزراء د. عمر الرزاز لخطة حكومته للعامين المقبلين وتحديد أولوياتها، محطة مهمة تستحق التوقف عندها، بل والتمسك بأهداب أمل أن "تزبط" هذه المرة مع حكومة بتحقيق إنجازات ملموسة تنعكس على حياة الناس ومعيشتهم مباشرة.

    الرزاز تعهّد عند إعلانه الخطة بأولوياتها الاثنين أمام الاردنيين بأنه "سيكون هناك تقييم ومتابعة للأولويات، مرتبطة بمؤشّرات واضحة وقابلة للقياس حتى نمكّنكم من مراقبتنا ومحاسبتنا عليها". وأعتقد ان هذه الجملة التي ختم الرجل بها خطابه هي مربط الفرس؛ فالخشية التي تبديها الأغلبية من الناس وهي تستمع لهذا الخطاب المبشر، هي في بقاء الوعود وعودا دون إنجاز حقيقي على الأرض وعلى معيشة المواطن، وأن تكون فقط للاستهلاك الشعبي والسياسي، الذي تذروه الرياح مع الأيام.

    من الموضوعية، في هذا المقام، التأشير إلى أن ما أعلنه الرئيس الرزاز من أولويات وبرنامج، لم يكتف فقط بالجمل المنمقة والشعارات، بل حدد أهدافا بأرقام واضحة ونتائج محددة مطلوبة خلال الفترة المستهدفة، من قبيل توفير 30 الف فرصة عمل، وتخريج وتأهيل 20 الف شاب وشابة سنويا من خلال برنامج خدمة وطن المرتقب، وشمول 80% من المواطنين بالتأمين الصحي، وتحسين مستوى خدمات النقل والصحة والتعليم العامة.

    قد يكون الهدف الأكبر في برنامج الحكومة المعلن والذي يمكن أن ينعكس بشمولية ويحدث تأثيرا واضحا في الوضع الاقتصادي والمعيشي هو التعهد بزيادة حجم الإستثمار الأجنبي بنسبة 10%، وزيادة الصادرات بنسبة 5% سنويا، إضافة إلى رصد 70 مليون دينار لصندوق الريادة لتوليد آلاف فرص العمل، وتقليل فاتورة الطاقة على خزينة الدولة بالوصول الى مرحلة أن تكون 35% من مصادر الطاقة الكهربائية من مصادر محلية عام 2020.

    وأيضا؛ بادرت الحكومة إلى تعزيز إعلانها لهذه الأهداف بالتأكيد على أنه تم رصد مخصصات لها بموازنة العام المقبل بـ 140 مليون دينار، ما يفترض معه أن لا يتحجّج مسؤول بنقص الإمكانيات والمخصصات للالتزام بتحقيق الأهداف المطلوبة.
    الآن ستكون الحكومة مطالبة بتقديم برامجها تفصيليا لتحقيق هذه الأهداف الطموحة، وبرنامجها الزمني التفصيلي، بما يتضمن مؤشرات أداء قابلة للقياس، ليكون الجميع قادرا على متابعة التزام الحكومة وحسن تنفيذها لهذه الأولويات ووصولا إلى الإنجاز الحقيقي للأهداف المرجوة.

    نعلم أن استفحال مشاكل البلاد أكبر بكثير من أن تعالجها الأهداف الموضوعة بخطة الحكومة المعلنة، لكن هذه الخطة، إذا ما طبقت بشفافية والتزام حقيقي ومثابرة، فستسهم بتقديم حلول تنفع الناس وتخفف من الأزمات والمشاكل المركبة، وأيضا، وربما هو الأهم، أنها تؤسس لنهج حكومي جديد في العمل والإنجاز المبني على خطط ورؤية واضحة، والقابلة للمتابعة والمساءلة المجتمعية وبالتالي المحاسبة للحكومة كاملة أو لوزارات ومؤسسات معينة إن جاء التقصير والخلل من طرفها.

    محكومون بالتفاؤل؛ ونعتقد أن توفر الإرادة والعمل المنظم والحرص على خدمة الناس بكل شفافية ومسؤولية يمكن أن تحدث فرقا في واقعنا الصعب، حتى لو كان فرقا متواضعا بمراحله الأولى لكنه على الأقل سيمنحنا الأمل بوضع أقدامنا على الطريق الصحيح. وأجزم أن الناس لم تعد قادرة على تحمل المزيد من التجريب وإطلاق الشعارات بالهواء لمواجهة التحديات والأوضاع الصعبة، لذلك فهي لن تتسامح مع الحكومة هذه المرة إن هي أخفقت أو أهملت!





    [22-11-2018 08:48 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع