الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    اعتداء خطير علينا جميعا!

    من يستمع لرواية أمين عام منظمة "مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث" الدكتور يونس قنديل، لواقعة الاعتداء الهمجي عليه مساء الجمعة الفائتة، يضع يده على قلبه من الدرك الذي يريد البعض أن يوصلنا إليه في التعامل مع أصحاب الآراء والأفكار إن اختلفت مع آرائنا، وكيف بات البعض، وهو كثير للأسف، يبرر القفز فوق القانون والاعتداء الهمجي على الآخرين الذي قد يصل للقتل.

    بالفعل تعيد حادثة الاعتداء الهمجية على قنديل إلى الأذهان قضية التحشيد وبث خطاب الكراهية والتحريض بحق الكاتب المرحوم ناهض حتر قبل أن تتوج الحملة بقتله على أبواب قصر العدل من قبل متطرف أعمت بصيرته حملات التحشيد والتحريض واستخدام خطاب ديني في قضايا فكرية خلافية ميدانها كما يفترض الحوار والدراسات والمجادلة بالتي هي أحسن.

    ليست حادثة اعتداء عادية، يمكن تفهمها ووضعها بسياق آلاف قضايا الاعتداءات الشخصية والجرائم التي تسجل سنويا في المجتمع، فالبعد والخلفية هنا مختلفة، أساسها الخلاف الفكري ومعاقبة صاحب رأي، بعد استباحته بحملات غوغائية تحريضية ترفع راية الحرص على الدين وثقافة المجتمع، وتستعين بسلاح التجييش الشعبي بدعوى الدفاع عن القيم الثقافية والمجتمعية، وهو ميدان ملتبس قد يطال بشرره وسوءاته حتى المتدينين من مدارس فكرية وسياسية مختلفة!

    أذكر، في هذا السياق، معاناة المصلين والناس في منتصف الثمانينيات الماضية من اندلاع معارك همجية داخل بيوت الله بغير مدينة اردنية، بينها الزرقاء، بين أعضاء جماعات تدعي كل منها دفاعها عن الاسلام الصحيح وأنها هي التي تقتدي بالسلف الصالح، وفي سبيل ذلك استخدم المتعاركون الأسلحة البيضاء والجنازير، ولم تردعهم حرمة وقداسة المساجد عن إسالة الدماء فيها.

    النماذج الأسوأ والأخطر للاحتكام إلى العنف واستباحة أرواح وسلامة الآخرين على خلفيات دينية وفكرية سجلتها دول عربية وإسلامية عديدة، كما في مصر سابقا، وآخر النماذج المأساوية كانت في سورية، حيث لا نشير هنا فقط إلى استهداف غير المسلمين أو المسلمين من طوائف أخرى، بل حتى داخل الطائفة الواحدة حيث كل جماعة مسلحة ومتدينة تدّعي أنها الفرقة الناجية والأقوم بحمل الاسلام وتمثيل السلف الصالح، والنتيجة الكارثية ماثلة أمامنا اليوم.

    إن سمحنا بتبرير وتمرير حادثة الاعتداء الهمجي على قنديل، فعلى الدنيا السلام، وعلى دولة القانون والسلم المجتمعي ألف سلام، فهذه هي وصفة الخراب للمجتمعات ولأمنها. الرفض للتجرؤ على القانون والاعتداء على أي إنسان، خاصة إن كان صاحب فكر ووجهة نظر، يجب أن يكون واسعا وعاما، حتى من قبل من يخالفون هذا الشخص بفكره ووجهة نظره، فالتبرير للاعتداء على أي صاحب فكر ورأي سيقابله تبرير وتبريرات للاعتداء وإقصاء آراء وأصحاب آراء أخرى.

    التيار الإسلامي السياسي، الذي يصنف نفسه على الاعتدال، هو أول المطالبين باستنكار وتجريم الاعتداء على قنديل وعلى كل صاحب فكر ورأي، لا التبرير أو التهرب من مسؤولياته وخطابه العلني بالدعوة لدولة القانون والعدالة والحرية والديمقراطية ورفض محاولات إقصائه رسميا ومن قبل تيارات سياسية أخرى.

    أما الدولة والحكومة وأجهزة إنفاذ القانون فهي مطالبة اليوم قبل الغد بالتصدي الحقيقي لمثل هذه الحادثة وعدم تمريرها مهادنة لهذا التيار أو ذاك، والخطوة الأولى هنا هي في استنفار كل الجهود لكشف هوية المعتدين واقتيادهم للقضاء، لإرسال رسالة رسمية حاسمة بعدم المهادنة بتطبيق القانون والسلم المجتمعي وصون حقوق الجميع.





    [12-11-2018 10:18 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع