الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    حجر الزاوية و سَدَنة الحقيقة!

    أحداث اليوم -
    محمد حنون*


       حين تختلط الأمور في الإعلام و تصبح التفاصيل مُلتبسة في حدث ما أو خبر ما، يُصبح عندئذ الملاذ الأخير للكُتَّاب و المحررين و رئيس التحرير في أي صحيفة أو مجلة أو حتى موقع إخباري إلكتروني، يصبح الملجأ الأخير هو الوصول إلى صورة فوتوغرافية إلتقطها المصور الصُحفي أو إلتقطتها المصورة الصُحفية؛ لكي يتم تدعيم القصة أو الخبر. و كثيرا ما تقف الصحيفة أو المجلة على ساق واحدة منتظرة عودة المصور الصُحفي بصورة فوتوغرافية واحدة، لتكون بمثابة حجر الزاوية للخبر، و لتدعيم نصا يملأ صفحة بأكملها، ما يجعل المصور الصحفي أيضا حجر الزاوية للعمل الصحفي و عنصرا رئيسيا في العمل الصحفي، إن لم يكن عنصرا رياديا!


       هذه هي مكانة الحقيقية للمصور الصحفي أو المصورة الصحفية في مهنة سيدة الجلالة، و هو الأمر الذي لا يزال الكثير من رؤساء التحرير و مدراء التحرير و الصحفيين و الصحفيات في الكثير من الصحف و المجلات العربية لا يدركونه، أو يتجاهلونه، و تجدهم لا يزالوا ينظرون للمصور الصحفي بنظرة فوقية، بإعتبار المصور إحدى أدوات الكاتب الصُحفي و مُلحقا ثانويا، و كثيرا ما تجلت هذه النظرة في الصحف الأردنية عن طريق قول رئيس التحرير أو مدير قسم صحفي لصحفي : “ خذ معك واحد من المصورين و إطلع على المكان الفلاني” أو حين يقول الصحفي أو الصحفية نفسها “ راح أوخذ معي مصور” أو “ جبت معي مصوري”. دون أن يدرك أيا من أولئك بأن المصور الصحفي أو المصورة الصحفية هم الذين يمكن لصورتهم وحدها أن تكون خبرا و قصة مستقلة بذاتها مع سطر أو سطرين كأقصى حد، في حين أن مادة الصحفي أو الصحفية و إن ملأت صفحة بأكملها، تكون مادة جافة و تفتقر للمصداقية إن لم تتوج بصورة فوتوغرافية!


       قد يرى البعض كلامي هذا بأنه قاس بحق الصُحفيين و الصُحفيات، و بأنه قاس بحق رؤساء التحرير و مدراء التحرير و رؤساء الأقسام الصُحفية، إلا أنني أرى بأنه آن الأوان أن يقول أحد المصورين الصحفيين ما هو مسكوت عنه و ما هو دارج منذ سنوات طويلة في الوطن العربي و في الأردن بشكل خاص، في حين أن المُصور الصحفي و المصورة الصحفية في الصحف و المجلات الغربية لهم مكانة لا تقل عن مكانة رئيس التحرير أو  مكانة أهم صُحفيي المؤسسة أو كُتَّابها. و هذا ليس تقليل من شأن الصُحفي أو الصُحفية، لكل دوره، و لكن الكلام أعلاه  و بهذه الصيغة غير المهادنة و غير الدبلوماسية أصبح ضرورة لا بد منها، لأن المصور الصُحفي هو المتضرر من حيث المكانة الإعتبارية في الصحف و المجلات العربية، و من حيث الحقوق الفكرية و المادية، و لأنه بلغني كذلك بأن الكثير من الصحفيين و الصحفيات في صحيفة الغد طالبوا الزميل محمد أبو غوش بالإعتذار لرئيس التحرير لأنه قام بتفنيد إتهاماته له و توضيحه بأنها غير صحيحة و ظالمة و هو ما جعل رئيس التحرير أن يقوم بفصله من عمله، فقط لأن أبو غوش لم يقبل الإتهامات الواهية له! فما الذي يدفع الصحفيين و الصحفيات في الغد مطالبة محمد أبو غوش بالإعتذار لرئيس التحرير و عدم الوقوف مع أبو غوش بالحق و هم الذين عملوا معه لسنوات طويلة و خبروه و خبروا تفانيه في العمل معهم و لهم!!؟ 


       ما يمر به الزميل و الصديق المصور الصُحفي محمد أبو غوش هو أكبر مثال على ماسبق ذكره، فإن فصل الزميل محمد أبو غوش من قبل رئيس تحرير الغد بهذه الطريقة غير المهنية و التعسفية و التي بلا أساسات، و خصوصا من خلال إدعاء رئيس التحرير بأن الزميل أبو غوش لا يؤدي عمله كما يجب هو أمر يثير العديد من التساؤلات، فكيف يكون هذا و أنا الذي أعيش في الطرف الآخر من الكرة الأرضية، تابعت عمل الزميل أبو غوش طوال هذه السنوات، و مؤخرا عمله و توثيقه الفوتوغرافي الصحفي في كارثة البحر الميت، و عمله ليل نهار في تغطية القصة حتى ساعات الصباح الباكرة، و رؤية صوره الفوتوغرافية في صحيفة الغد و موقعها الإلكتروني و التي تناقلها الآلاف من العرب و الأردنيين في مواقع التواصل الإجتماعي!


        من المدهش أن يتهم رئيس تحرير الغد المعين منذ أشهر قليلة في هذا المنصب الزميل محمد أبو غوش بأنه لا يؤدي عمله كما يجب، و بأنه لا يدير قسم التصوير الصحفي كما يجب، و هو الذي يدير قسم التصوير منذ 15 عاما على أكمل وجه، و جعل من صحيفة الغد الأهم بين الصحف الأردنية من حيث الصورة و القصة البصرية، و أن يتم إتهام أبو غوش بالتقصير في عمله خلال الأيام التي عمل فيها أبو غوش ليل نهار في قضية البحر الميت، هو أمر يجعلني أتساءل إذا ما كان رئيس تحرير الغد الزميل مكرم الطروانة يقوم بقراءة الصحيفة التي يرأس تحريرها أو متابعة موقعها الإلكتروني حتى، أو أن هناك أسبابا أخرى أسفل الطاولة!؟ 


       هذا التساؤل مشروع و منطقي، لأنه من غير المنطقي أن يتهم مصورا صحفيا مثل محمد أبو غوش بالتقصير في عمله، و هو المصور الذي عملت معه في صحيفة العرب اليوم منذ العام 1996، حيث كنت أنا مصورا في مكتب إربد و هو في عمان، ثم إنتقلت للعمل في مقر الصحيفة في عمان في العام 1997، و كان أول من تعرفت عليه من المصورين في عمان بشكل مباشر و شخصي هو أبو غوش، الذي أخذ صوري مني و التي أعجبته و قدمها بنفسه لقسم المنوعات للنشر في زاوية الصور الفنية، فكانت أول صور فنية فوتوغرافية تنشر لي في الصحافة.


       منذ اليوم الأول الذي عرفته فيه، لم أجد مصورا متفانيا في عمله و لعشقه للتصوير الفوتوغرافي و إهتماما بزملاءه المصورين مثل محمد أبو غوش، فأنا أعرف يقينا بأن أبو غوش أيضا قد خاض معارك كثيرة لتحسين أوضاع زملاءه المصورين في صحيفة الغد كرئيس قسم التصوير فيها، و قد قام أبو غوش بمطالبات لحماية حقوق زملاءه المصورين المعنوية و المادية. و هو ما فتح عليه أبوابا ليس مع رئاسة التحرير و حسب، بل و مع إدارة الصحيفة، و لكن أبو غوش لم يتراجع عن ذلك خوفا على وظيفته، بل واصل مطالباته لحقوق الزملاء الذين يعملون تحت إدارته لقسم التصوير الصحفي في صحيفة الغد. 


       نقابة الصحفيين الأردنيين مطالبة ليس فقط بالدفاع عن حقوق الزملاء المصورين الصحفيين بشكل عام، و حقوق الزميل المصور الصحفي محمد أبو غوش بشكل خاص الآن، بل مطالبة كذلك بإعادة الإعتبار له بشكل رسمي و واضح. و أن يكون هناك لجنة تحقيق لإدعاءات رئيس تحرير الغد عن تقصير الزميل أبو غوش في عمله، حيث كانت واحدة من الأمور التي إتهم رئيس التحرير الزميل أبو غوش بأنه لا يتواجد في الصحيفة إلا قليلا، و هو ما يمكنني القول عنه بأنه يثبت عكس الإتهام! فالمصور الصحفي الذي يتواجد في الصحيفة طوال اليوم يعني بالضرورة بأنه لا يقوم بعمله!


      عمل المصور في الشارع، في الخارج، حيث الحدث، و حضور المصور للصحيفة يكون للإجتماعات و التخطيط و أخذ ورقة المهام صباحا، و ربما يأخذها عبر الهاتف و ينطلق مباشرة من بيته للحدث أو للموضوع. و قد يأتي المصور للصحيفة لتحميل الصور، و هو ما يمكن كذلك فعله من خارج الصحيفة في وقتنا هذا. في سنوات ما قبل الإنترنت كان لدى المصورين ما يسمى بـ “ Runner Boy” أي “ الفتي الراكض” و الذي كان يأخذ الأفلام من المصور الصحفي و يعود بها للصحيفة، حيث يتم تظهيرها من قبل تقني الغرفة المعتمة أو في الأستوديو، و ذلك إذا لم يتمكن المصور من الحضور لفعل ذلك بنفسه بسبب إستمرار حدوث القصة. و وجود هذا “الفتى الراكض” - و هو المعادل الموضوعي للإنترنت الآن - ليُمَكِّن المصور من البقاء في الحدث و في الشارع حيث القصة التي لا تزال تحدث و تتفاعل.


    في الصحف و المجلات التي تحترم نفسها، يتم تقييم عمل المصور الصحفي بقياس حجم الصور التي تنشر له و بحجم تغطيته للأحداث، و جودتها،  فإذا كان هذا هو المعيار، فمن السهل أن يُجزم بأن ثمة ما هو أبعد من إتهامات رئيس التحرير لأبو غوش بأنه لا يعمل كما يجب، فموقع الصحيفة و صفحاتها لم تخلو من صور أبو غوش و لا من صور زملاءه المصورين الذين عملوا تحت إدارته لـ 15 عاما و نيف، و حتى قبل أيام قليلة من فصل الزميل أبو غوش، حيث كان يبقى في البحر الميت لتغطية الكارثة الإنسانية حتى ساعات الفجر، و هكذا تتم مكافأته!!


    *فوتوغرافي فلسطيني - أردني / بودابست





    [31-10-2018 11:29 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع