الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    المطلوب وقفة جادة

    ملاحظات كثيرة وأسئلة عديدة ما تزال مفتوحة على وقع فاجعة البحر الميت التي هزت الرأي العام بمأساويتها وصدمتها. ورغم الإيمان بالقضاء والقدر وبقسوة الطبيعة وكوارثها، فإن حجم الفاجعة وطبيعتها تستدعي وقفة جادة من قبل الدولة والمجتمع ليس بحثا عن انتقام من بريء أو جهة لم تقصر، بل تحقيقا للعدالة من جهة وردعا لأي تقصير أو إهمال يمكن أن تقع به مؤسسات أو مسؤولون مستقبلا، ما يجنبنا تكرار مثل هذه الفواجع.

    نحترم القضاء ودوره بالتحقيق في ملابسات القضية التي ذهبت فيها أرواح بريئة تستحق العدالة والإنصاف القانوني إن كان هناك مسؤوليات جنائية وقانونية ليس مخولا سوى القضاء بحسمها وتحديدها. لكن ثمة مسؤوليات سياسية وإدارية لهذه القضية الكبيرة التي أدمت القلوب، لا يجدي معها المسارعة للتهرب منها كما جرى مع بعض الوزراء، ولا الصمت الذي لف أفواه وزراء آخرين اعتادوا على الاختباء بالملمات والأزمات رغم أن الحدث أو القضية تكون من ضمن اختصاصهم وميدانهم.

    أما كارثة الخطأ بتسليم جثماني ضحيتين لأهليهما من قبل الطب الشرعي فهذا لوحده قضية كبيرة تحتاج لمساءلة فهي تؤشر لتقصير لم يكن مقبولا في الظروف العادية ولا الطارئة، وهو خطأ فاقم من معاناة وألم أهالي الضحيتين من الأطفال الأبرياء، وليس مقبولا تبرير مسؤولين لمثل هذا الخطأ، وعلى الجميع تحمل مسؤولياته.

    لا أحد ينكر الجهود الكبيرة التي بذلها الدفاع المدني والأمن العام وقوات الدرك والقوات المسلحة بعمليات الإنقاذ والإخلاء للضحايا، كما لا يمكن إلا أن يثمن الجميع دور الطواقم الطبية والصحية وجهودها الكبيرة بالتعامل مع المصابين في الحادثة، لكن المستوى السياسي والإداري الرسمي ودوره بالتعامل مع الحادثة وتداعياتها وإدارة الأزمة يحتاج حقا لوقفة ملية، وتحقيقا محايدا يضع النقاط على الحروف ويحدد التقصير والخطأ إن وجدا، والمسؤول عنهما، ومن ثم الخروج لأهالي الضحايا والمصابين والرأي العام بالنتائج بكل شفافية وتحمل للمسؤولية، وأيضا للخروج بتوصيات وآليات تجنبنا تكرار مثل هذه المأساة.

    أحسن النواب عندما قرروا تشكيل لجنة تحقيق بالإجراءات التي اتخذتها مختلف الجهات الرسمية سواء قبل الحادثة ولها علاقة بها كترخيص المكتب السياحي منظم رحلة الطلبة أو وزارة التربية أو حتى غياب الإرشادات واللافتات والإغلاقات لمنطقة السيل ومجراه بهذا الوقت من العام، وحسم قصة سد زرقاء ماعين والذي شهد جدلا واسعا.

    نقول أحسن النواب، وأخطأت الحكومة بتشكيلها لجنة تحقيق وتدقيق من طاقمها الوزاري، لمراجعة إجراءات المؤسسات الرسمية بالتعامل مع الحادثة وملابساتها، فأهم شروط لجنة التحقيق أو التدقيق هو الحياد، وكان بالإمكان تكليف لجنة من القضاء أو مشتركة من جهات حكومية وغير حكومية وقضائية لإجراء مثل هذا التحقيق.

    نعوّل على اللجنة النيابية للتحقيق، التي يفترض تشكيلها رسميا يوم غد الثلاثاء بحسب ما أعلن رئيس المجلس عاطف الطراونة، لمعالجة عيب عدم الحياد في تشكيلة اللجنة الحكومية، وأن تقوم اللجنة النيابية والنواب بدورهم كاملا بالرقابة والمحاسبة للحكومة ولمختلف الوزراء والمسؤولين وتحديد أي تقصير أو إهمال أسهم بالكارثة أو أسهم بمفاقمتها بعد وقوعها وخلال التعامل معها.





    [29-10-2018 12:02 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع