الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الذئب المؤذن

    أدركَ باكراً أن أصوات من سبقوه كانت تشي بهم ، العواء الصريح ليس بطولة ، البطولة الحقيقية الظفر بشاة سمينة أو أكثر ولو بمواء خفيف أو بصمت مطبق ، هو يعرف أن الفلاّحين يحذّرون بعضهم بعضاَ من غزوة الذئب ما أن تطفئ الشمس قنديلها ..وهو يعرف أن بعضاَ ممن سبقوه جاء صائداً وانتهى صيداً فعُلّق ذيله في غرف الاستقبال في إشارة للانتصار،لذا حيّد المواجهة ، وفضّل التقرّب إلى الأهالي بما يحبّون.. هو بالمحصّلة يريد ذيله الناعم أن يبقى ناعماً يفلت من أيادي مطارديه، ويريد أن يزهو بوبره الأحمر الجميل المحنّى بدم الفرائس، وقمّة الدهاء الا يراه أحد في المراعي وقت الاقتناص ،وأن رأوه لا يصدّقون حقيقة نواياه..وليكن اسماً جديداً في معجم الوحوش..الذئب الطيب، أو الذئب الشيخ، أو الذئب الغزال إن شئتم..لا تهم التسميات…

    لذا كان يجلس وقت الغروب ،يستمع للأذان جيداً، يحفظه شطراً شطراً ثم يردّده بصوت منخفض ، صبر على الجوع أياماً طويلة في سبيل أن ينجح بمهمّته الجديدة ، جرّب الأذان كاملاً لقد حفظه عن ظهر مكر، وفي ساعة الصفر انقضّ على المؤذن المسكين ، سحبه بأسنانه إلى مغارته البعيدة ، وأطلق هو الأذان ، طرب العبادُ لصوت المؤذن الجديد، وانساقوا إلى الجامع كما يفعلون كل يوم، وبينما هم خاشعون في صلاتهم انقضّ على اكبر شياهم وافترسها ثم نقل نصفها المتبقي إلى مغارته غسل مخالبه وتمدد فوق التلّة ، في اليوم التالي أعاد الكرّة اختبأ في مكانه المطلّ وعندما غفت الشمس فوق كتف الجبل أذّن الذئب من جديد بصوت شجي، وانطلى الأذان على المصلّين وأمّوا من جديد جامعهم ،واستغل صلاة الناسكين وانقض على الحلال من جديد..وفور انتهائه غسل مخالبه من الدماء وتطهر للأذان الجديد..صار يؤذّن ليفترس، وهم يصلّون صلاة الخوف من الذئب ليتناقصوا..إلى أن فرغت القرية من حلالها..

    يوماً بعد يوم ، صار يؤذن أمامهم دون خدعة أو حياء ، وهم يصلّون ليؤكلوا…دون أن يجرؤ أحدهم على السؤال..

    إذا كان المؤذن ذئباً فهل صلاتنا عبادة أم خنوع!





    [10-10-2018 11:49 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع