الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    حط حالك مكانه

    بفضل التكنولوجيا الحديثة وما انتجته من عالم إفتراضي أحدث تغييرات سريعة هائلة اقتحمت حياتنا الخاصة وكشفت جوانب منها سواء باراداتنا أو رغم عنا ، و ألقت علينا بالكميرا ذات الصورة ثلاثية الأبعاد وتقنية HD عالية الدقة، واللتي تنقل لنا الحادثة بشفافية "كأنك هناك" , غير آبهة بما يترتب عليها من قضايا و انتهاك حرمات و ايذاء للمشاعر, فباتت سلاح ذو حدين يصيب في يد و يخيب و يجرح في يد اخرى .

    لا نستطيع إنكار باننا نعيش واقع تحكمه اعراف تفرض عليك قانون الجماعة والأسرة الذي قد يجعل منك ضحية دون وجه حق، ذلك لأنه لا يقدر ان الوحيد المسؤول عن اخطائه هو المخطئ نفسه لا سواه ، لذلك أصبح من الضرورة طرح هذه القضية التي طالت الكثيرين ولن يكون أحد بمنأى عنها , ألا وهي التصوير والنشر .

    على مدار الساعة تعج مواقع التواصل الإجتماعي بفيديوهات و صور مما هب و دب ، قليله يستفاد منها و بعضها لا طعم له ، تتهكم على البسطاء و الأبرياء ، فنجد بوست بعنوان #اضحك من قلبك ، لتجد مشهد لمريض بمتلازمة داون يجعله مادة للسخرية متناسين ان لهذا المريض اهل و احباء يعتصرهم الألم ، ناهيك عن التعليقات اللاذعة اللي بتزيد الطين بلّه.
    وفي صفحة أخرى نجد من يلتقط صورة او فيديو لمن يلفظ أنفاسه الأخيرة ، نرى انتهاك لحرمة الميت بتصويره كما لو كان سبق صحفي ،و نجد سرقة احد المولات بعمان و غيرها تحت عنواين #من قلب الحدث افضحوه الله لا يرده ، الا يعلم من يرفع مادة بائسة كهذه ان الكثير من شرائح مجتمعنا لا يجرد اهل السارق ومن حوله من المسؤولية , بل وقد يجرمهم أيضا جراء هذا المشهد ؟!! في مجتمع يعمم ولايخص ولا يرحم.

    الجانب الانساني والمنطقي المتواجد بالشخص السوي عقليا، يرفض مثل تلك التصرفات ويفرض عليه ان يحترم شعور و خصوصية المقابل و من حوله ، و من الأخلاق الواجبة علينا الالتزام بالعرف والعادة بعدم نشر ما يستبيح عواطف و حرمات البشر من اجل شيء لا ينفع بل و يضر بالاخرين .
    اذا لم نجد من التصوير بدا لأجل المنفعة و حفظ الحقوق ، وجب وضع المادة بأيدي الجهات المختصة فهي كفيلة بإجراء اللازم ، وخلاف لذلك يجب على الاجهزة الامنية وضع حد رادع لمثل تلك التجاوزات لمن ينشر ويشهر بالمواطنين و تعريضه للمسائلة القانونية ، لأن في ذلك انتهاك للخصوصية و تعارض مع القيم والمبادئ وخربان بيوت وضحايا لن تلقتطهم الكاميرا بعدسته المجردة .
    فالنعلم أن المجرم الحقيقي ، هو من يقبع خلف العدسة .





    [07-10-2018 11:59 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع