علاقة الحكومة بالصندوق مثل علاقة المريض بالطبيب، ووصفة العلاج التي يصرفها ليست ملزمة إذ بإمكان المريض أن يتعايش مع المرض وأن يتحمل النتائج بما فيها رفض أطباء آخرين إستقباله لأنه تجاوز مرحلة الشفاء.

لماذا قد تختلف الحكومة الأردنية مع صندوق النقد الدولي، فالأولى تحتاج شهادة الصندوق بحسن سلوكها، والصندوق يعتبر سياسات الحكومة بأنها تسير في الإتجاه الصحيح، وأن الحكومة جادة في تنفيذ برنامج الإصلاح.

الصندوق يقول إنه يترك القرار، ويشمل ذلك سياسة الضريبة والدعم والأجور والإعفاءات والكهرباء والمياه والحكومة تقول إن هذه الإصلاحات ضرورة وطنية وأنها لا تخضع لإملاءات وأن قرارها تنفيذ الإصلاحات قرار سيادي .

الحكومة تركز على النمـو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، كذلك الصندوق لكن على أن لا تتعارض مع خفض عجز الموازنة وتخفيض أو ضبط المديونية.

لا خلاف بين الحكومة والصندوق على تحقيق الأهداف الرئيسية وهي النمو، العدالة الإجتماعية عبر سياسات الضرائب وتخفيض العجز، وضبط المديونية لكن الإختلاف على الأولويات كما يبدو، فالحكومة وضعت العدالة الإجتماعية أولا ومنها رفع مستوى الخدمات ودعم الشرائح الفقيرة والمتوسطة، والصندوق يرى أن تحقيق ذلك ممكن لكن ليس قبل تحقيق الإستقرار المالي .

إزاء ما مضى من برنامج التصحيح الإقتصادي هناك بعض الإخفاقات من الجانبين، فلم يرتفع النمو الإقتصادي حسب توقعات الصندوق ولم ينخفض العجز ولاالمديونية رغم كل إجراءات الحكومة وهو خلل سيحتاج الى مراجعة شاملة لأن المريض في هذه الحالة إلتزم بوصفة الطبيب الذي يتعين عليه تحمل مسؤولية سوء التقدير.

نعم تستطيع الحكومة أن تستغني عن الطبيب وعن برنامجه، فهي تعرف ما يتوجب عليها أن تفعله وكيف يمكن أن تكون طبيب ذاتها.

مع أن وجود الصندوق في هذه المرحلة ضروري لكسب ثقة الدول المانحة والأردن الذي قبض ثمن إلتزامه ببرنامج التصحيح من الصندوق بقرض سهل يعادل 2 مليار دولار كجزء من حزمة إجراءات للإصلاح الاقتصادي عليه الالتزام بما تعهد به من إجراءات وتحمل ما ينتج عنها من نتائج ويجب أن يكون أكثر حرصاً من الصندوق على إنجاز الإصلاحات الاقتصادية لأنها ضرورة وطنية قبل أن تكون تلبية لشروط .

الدول هي التي تلجأ الى طلب دعم صندوق النقد وليس العكس، لتصويب مسارات إقتصادياتها التي تعاني أزمات تنطوي على كلف مالية لا تتوفر لها .

[25-09-2018 08:55 AM]