الرئيسية أحداث محلية

شارك من خلال الواتس اب
    خطاطون: التقنية الحاسوبية لن تلغي الخط العربي

    أحداث اليوم - دعا خطاطون وأكاديميون الى إعادة الاعتبار للخط العربي بعد تراجع الاهتمام به نتيجة التقنية الحاسوبية، وضعف التدريس، الامر الذي يستدعي العمل على ادراج مواد وتخصص للخط العربي في الجامعات، وإيجاد رخصة مزاولة للمهنة لمن يتقن مبادئ وعلم وأسس الخط العربي، بعد تراجع أعداد الخطاطين المحترفين في السنوات الاخيرة.
    وأكدوا أن التقنية الحاسوبية ليست باستطاعتها أن تلغي الخط العربي اليدوي، الذي يبذل من خلاله الخطاط جهدا وابتكارا وتميزا وانفرادا بالكلمة او العبارة.

    ومع المساحة الواسعة للتطبيقات والبرمجيات الحديثة في مجال فنون الاتصالات البصرية كالتصميم والتصوير والرسم، إلا أن بعض الخطاطين يقبلون على اكتساب المهارات الرقمية لتلبي متطلباتهم، إذ يفضلون مهارة الخط العربي على الورق لما تحمله من اناقة وجمال، بحسب المدرب الاقليمي والخبير في فنون الاتصال البصري محمد حرب.

    ومع ان استخدام لوح الرسم الرقمي مع البرمجيات، وفق حرب، فرض على الخطاط دقة في الرسم ودرجة بالوضوح وإعادة التشكيل والتحكم بأدق التفاصيل والقدرة على حفظ العمل وإعادة استخدامه، إلا ان الميزة جعلت الخطاط يقوم بإنشاء شعارات وعبارات والوان واشكال مختلفة للخطوط.

    ويرى رئيس جمعية مصممي الجرافيك المصمم نامر الحوح، ان التقنية الحاسوبية لا تعطي الروح والألق للخط العربي، فهي عبارة عن قوالب جامدة وفق برامج جاهزة، لا تسمح بهامش من الابداع والانفراد والتألق للخط العربي.

    واشار الى ان للخط العربي قيمة ووزنا عظيما ويتمتع بالمرونة والسلاسة، ولا تستطيع التقنية الحاسوبية مضاهاة جودته، ومن الصعوبة البالغة ان تظهر نفس الجمالية للخط العربي مثلها مثل هذه التقنية، لافتا الى ان هذا الفن يبرز في القرآن الكريم، إذ انه لغاية الان يكتب القرآن بالخط العربي اليدوي، وليس بالاستطاعة كتابته بهذه الروح والجمالية عبر التقنية الحاسوبية.

    وأوضح ان التقنية الحاسوبية ليست باستطاعتها أن تلغي الخط العربي اليدوي، الذي يبذل من خلاله الخطاط جهدا وابتكارا وتميزا وانفرادا للكلمة أو العبارة.

    وأضاف ان من اسباب اللجوء للخط العربي عبر التقنية الحاسوبية هو لتكلفتها البسيطة، والجهل بجمالية وجودة الخط العربي اليدوي، ولكن مع وجود برامج تتيح الكتابة بالخط العربي، إلا أن نسبة الخطأ واردة بشكل ملحوظ، كما أن التكنولوجيا لا تستطيع تشكيل الحروف والزخرفة بين ثنايا الكلمات والحروف وتطويعها بإبداع كما هي بالخط العربي.

    وأشار الى ان التكنولوجيا لن تكون بديلا عن الخط العربي، رغم كثرة استخدام التقنية الحاسوبية لغايات الخط العربي في بطاقات الدعوى للمناسبات المختلفة ، والاختام، والشعارات واللوحات الدعائية والدروع.

    امين عام مجمع اللغة العربية الدكتور محمد السعودي يقول إن الخط العربي تراجع في السنوات الماضية بسبب وجود التقنية الحاسوبية، والاجتهادات الجديدة على برامجها، إذ يحتاج الى العناية الخاصة بهذا الفن الجميل.

    وبين ان المجمع يسعى الى تكريس هذا الخط في عقول الناشئة، حيث خصصت مسابقة للخط العربي بشكل دوري لتشجيعهم على اتقان واحتراف الكتابة بالخط العربي بابداع وتميز، كما تم عقد دورات متخصصة للأطفال في مجال الخط العربي، وكان الاقبال عليها من غير الناطقين بها بصورة أكبر من الناطقين بها.

    وأشار الى سعي المجمع للتواصل مع الخطاطين العالميين، وزيادة اعداد الخطاطين للخط العربي في عدد من البلاد الاجنبية كتركيا وماليزيا وغيرها، لافتا الى ان الاجانب ينظرون للخط العربي على انه نوع من الفن، يترك اثرا وانطباعا لدى الناظر في القلب والعين، فيما الاولى أن يكون زيادة الاهتمام واعداد الخطاطين من أهل اللغة العربية.

    ودعا لاعطاء دورات للمعلمين وعدم حصرها على معلمي اللغة العربي، وكذلك إعطاء دورات في الخط العربي في العطلة الصيفية كوزارة الشباب والرياضة ووزارة الاوقاف، الى جانب إيجاد مواد متخصصة بالخط العربي في أقسام اللغة العربية لتعليم هذا الخط في الجامعات، وتفعيل الجهات والجمعيات والمؤسسات المعنية بالخط العربي في تحسين الكتابة بالخط العربي.

    رئيس جمعية الملتقى الأردني للخط العربي والزخرفة الإسلامية الخطاط جمال المغربي قال ان فكرة انشاء هذا الملتقى، جاءت بعد تراجع الاهتمام بالخط العربي، والمحاولة مجددا لتحفيز الكتابة به، مبينا ان هناك تأثيرا كبيرا من التقنية الحاسوبية ومواقع وشبكات التواصل الاجتماعي على جودة الخط العربي.

    وقال إن هناك مشكلة في تردي الكتابة اليدوية لدى كثير من الناس، ما يستدعي ايجاد خطاطين لتعليم الخط العربي في مدارس المملكة واستهداف المدرسين بشكل عام ومعلمي اللغة العربية بشكل خاص وكذلك الطلبة.

    ودعا الى ايجاد معارض لفن الخط للنهوض بالخط العربي وتعريف الناس به وجمالياته، والعمل على عقد ورشات عمل تدريبية لان بعض الخطاطين يلجأون الى التقنية الحاسوبية في الكتابة والتصميم، وما يتم ملاحظته من خلال اللوحات الدعائية المنتشرة في كثير من الاماكن والمواقع المختلفة، ما أدى الى تردي الكتابة.

    وقال لا يمكن ان تتعادل الكتابة بالخط العربي مع الكتابة عبر الاجهزة الحاسوبية، فالخط العربي علم وفن له اصوله وقواعده، وأسسه ومقاييسه، وهندسته الروحانية.

    المعماري والخطاط والباحث والرسام محمد الهندي أكد أنه لا يجوز فتح محل للخط العربي إلا بعد اجتياز الفحص اللازم وأخذ اجازة مزاولة للمهنة لمعرفة مدى تمكن الخطاط بكتابة الخط العربي، مبينا ان هنالك دخلاء على المهنة لتحسين وضعهم للخط.

    واضاف انه تم تقديم عرض لوزارة التربية والتعليم لإعطاء دورات للمعلمين لتأهليهم في تعلم الخط، وتعليمه تباعا للطلبة.

    وعن الاقبال في تعلم الخط العربي، قال انه في السابق كان الاقبال على تعلم الخط جيدا بشكل ملحوظ، فيما قلت الان نسبة الاقبال على تعلم هذا الخط.
    وقال ان من ميزة الكتابة بالخط العربي بشكل يدوي أنه تظهر نفسية وشخصية الكاتب وكذلك استخدامه للألوان والاشكال الهندسية، كما ان تصميم الخط العربي متحرك ومتجدد، ويعكس ذوق الخطاط وطريقة استخدامه للإنحناء والتمديد والتطويع والتكوين، حيث تفتقد التقنية الحاسوبية لعدد من الخطوط العربية كالخط الديواني والثلث والجلي الديواني.

    وأشار الى أن الكمبيوتر أو المطبعة لا يتواجد فيها اتقان الخطوط ولربما يوجد فيها خط النسخ، ولكن ليست بنفس الجودة والاتقان لليدوي، كما أن الاستقامة للحرف او للكلمة في التكنولوجيا فيها جمود، ولا تعطي وضوحا للقراءة وفيها نوع من الالتباس.

    وقال مستشار وزارة الثقافة الدكتور حكمت النوايسة ان فن الخط العربي من تراث الثقافة العربية الإسلامية، لكنه يشهد في الاونة الاخيرة مأزقا شديدا بسب قلة الإقبال على إتقانه وتعلمه وسط عالم تسوده ثقافة الاداء السريع بواسطة الشبكة العنكبوتية وشبكات التواصل الاجتماعي.

    وأوضح أن الوزارة افتتحت شعبة لتعلم الخط العربي، لكن الاقبال على تعلمه كان ضعيفا، مبينا ان التقنية الحاسوبية في بعض من جوانبها دمّرت الاملاء واللغة العربية، وغيّبت اللمسة اليدوية.

    وبين انه ومع الزحف التقني لابد من التمسك بهويتنا، وإعادة نشر اللوحات المكتوبة بالخط العربي اليدوي كما كانت عليه قديما مع توقيع اسم الخطاط، لتعيد للشوارع والمحلات التجارية التألق والجمال.


    وقال فيلسوف الخط العربي وعميد كلية العمارة والفنون الاسلامية في جامعة العلوم الاسلامية الدكتور إدهام حنش إن الخط صورة الكتابة، كما يعرفها اللغويون والبلاغيون والنقاد وفلاسفة الفن والجمال، وعلى هذه الصورة الخطية تجتمع الطبقة المركبة للخط من حيث أنه معرفة مركبة من العلوم والفنون والصنائع.

    وأضاف اننا نلاحظ النزوع الوظيفي الكبير لأعمالنا صوب استخدام الخطوط تباعيا أو (طواعيا) بدلا من الخطوط الفنية اليدوية، وكذلك انتشار ظاهرة كتابة اللغة العربية بالخطوط الاجنبية في شبكات التواصل الاجتماعي، وبعض أدبيات الاطفال، والظاهرة التي تعرف اليوم بالعربيزي.

    وقال إن هناك فرقا كبيرا بين الاصالة والتقليد ، فالخط عمل فني وابداعي أصيل، ولا يمكن ان يقارن مع الخط الطباعي الآلي الذي غالبا ما يكون باهت الصورة جامد الكيان.

    وأوضح أن الفن لم يقتصر على الخطاطين بل طالته يد الفنانين التشكيليين وتم دمج الفن التشكيلي بالحروف العربية ليخرجوا بالفن 'الحروفي 'ويبدعون في تطعيم لوحاتهم وتكويناتهم الفنية بالحروف العربية.

    ويبين الفنان التشكيلي محمد ابوعزيز أن الخط هو المحرّك وله ديمومة في أي فعل ينتج موسيقى بصرية، مشيرا الى ان ليس كل من يضع حرفاً عربياً على سطحه التصويري هو حروفي، وكذلك ليس كل من يخط بشكل جميل مهتماً بهيئة الحروف هو حروفي.

    وأوضح ان توظيف الحرف بالفن التشكيلي وتدعيمه بالالوان، هو في قمة الجمالية والابداع، مشيرا الى ارتباط الكلمة بالمكتوبة بالحكمة والموعظة فيتم توظيف السطر ليكون له دلالاته وتوظيفه على اللوحة بطريقة جمالية واحترافية، لافتا الى ان اعداد الخطاطين المحترفين أقل ممن عليه في السابق ممن تمت اجازتهم بالخط العربي.

    وبين ان الخط فيه جانب هندسي منتظم وفيه موازين ونسب ذهبية ومقاييس، ولكل حرف له وزنه وحقه ومقياسه وارتكاز ، ولا تستطيع التقنية الحاسوبية ان تأتي بروح الحروف ورائحة الحبر، إذ ان معظم الخطوط في هذه التقنية فيها أخطاء جمالية بشكل واضح وملحوظ.

    وزارة التربية تعد كراسا للخط العربي وقال مدير ادارة المناهج في وزارة التربية والتعليم الدكتور صالح الخلايلة ، أن الوزارة أعدت في السنوات السابقة كراسا للخط العربي ضمن المناهج التدريسية للصفوف الدراسية من الاول الابتدائي ولغاية الصف الثامن، وتحتاج إلى متابعة واشراف على آلية تطبيق ممارستها لدى المشرفين من مديريات الاشراف في وزارة التربية والتعليم.

    وحول قدرات المعلمين وتمكنهم من تدريس هذا الخط، بين أن المعلمين يخضعون الى دورات تدريبية بشكل عام، ودورات خاصة لتطوير قدراتهم، وإذا ما كان أحدهم بحاجة الى تعلم واتقان الخط العربي بإمكانه تقديم طلب بذلك.

    طالبة الطب في الجامعة الاردنية ربى العكايلة، تبين انها تتعلم الخط العربي نتيجة عدم دراسته على مقاعد الدراسة، مبينة ان من فوائد تعلم الخط العربي أنه يعطي الصبر ويهذب النفس ويرتقي بالروح والذائقة الفنية والجمالية للغة العربية وآدابها، ويعطي لممارسة المرونة والليونة لليد والقدرة على التحكم في الاعصاب.

    وعزت اسباب تراجع الخط العربي في المدارس والجامعات الى اهمال مقرر الخط من المعلمين، والضعف الظاهر في خطوط البعض منهم والذي اثّر تباعا على خطوط الطلبة، واسناد التدريس لغير الخطاطين والمتخصصين بقواعد علم وفن الخط العربي فأصبح الحرف مشوها –بحسب تعبيرها- وخاصة بين الفئات الطلابية.

    وقال استاذ اللغة العربية أكثم المومني ان اتقان الخط العربي يؤثر على التحصيل العلمي، ذلك انه لو كانت الاجابة صحيحة لدى الطالب في امتحانه، فما فائدة ذلك ان لم يكن الخط مقروءا بشكل واضح.
    وبين أن تدريس الخط العربي في السابق كان أفضل مما عليه الان، داعيا المعلمين للانتباه الى هذا الامر وتحسين خطوط طلبتهم في أوقات الفراغ في المدرسة او كلما سنحت لهم الفرصة لذلك.

    وأشار الى ان الخط العربي يساعد الطالب على حسن القراءة وتدوين افكاره، وتنمية القدرة على الانتباه والملاحظة والتركيز، ويهذب النفس والشخصية والذائقة الفنية لان الخط فيه جمالية كجمال الرسم والنقش.

    ودعا الى الاعتناء باختيار معلم كفؤ لتعليم مهارات اللغة العربية بأسس قوية وبخاصة لدى المرحلة الابتدائية لتمكين الطلبة باللغة العربية وفنونها وآدابها على المدى البعيد.
    --(بترا)





    [15-08-2018 10:32 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع