الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    المتطرفون الجُدد

    محمود أبو هلال
    كلما حدثت حادثة عابرة ومحدودة، تطالعنا بعض الكتابات والتحليلات التي تشير للقرآن الكريم تارة و للمناهج التعليميةتارة أخرى كسبب للعنف والتطرف والإرهاب. ويذهب بعضهم بوصف تلك المناهج 'بالداعشية' داعين لإعادة بناءها بما يتواكب مع روح العصر!.

    دعوات وكتابات بعناوين براقة "قبول الآخر، مواكبة العصر، نبذ العنف" ...إلى غير ذلك من تلك العناوين المجترة التي وظفت عدة مرات في سياقات مختلفة. وما أن نتخطى تلك العناوين وتدخل لمحتوى النص حتى نفاجأ بعبارات ك "مناهج أثرية، خطاب ديني مغلق، خطاب تكفيري، تعليم التطرف".. لنكتشف ما المقصود وما المراد ونتيقن أن وراء الأكمة ما وراءها.

    من حيث المبدأ نتفق أن المناهج التعليمية تحتمل الصواب والخطأ لأنها حصيلة جهد بشري وليست نصوص مقدسة ومن الطبيعي أن تخضع للمراجعات والتطوير المستمر ومواكبة المعرفة ولكن ضمن أسس علمية وتربوية منسجمة مع عقيدة الأمة وثوابتها فلا يتخيل أحد أن تطوير المناهج الدينية مثلا سيكون بتغير أركان الدين أو فرائضه ومحرماته!.

    لكن بعضهم ولغاية في نفسه يجهد في البحث عن نص ما في أحد الكتب التعليمية فيقوم بإخراجه من سياقه للدلالة على أنه دعوة للعنف والتطرف! ومن ثم الوصول لنتيجة معدة سلفا، بأن الدين الإسلامي ككل دين تطرف وإرهاب!.

    هؤلاء وأتباع بعض الأيدلوجيات، حاولوا جاهدين استغلال كل حدث إرهابي عابر لا يعكس صورة المجتمع، فتسلقوا سلما، ظنوا أنه موسيقي، للعزف على أوتاره بنغمات ليست ذي لحن..استحسنوها هم فقط. ثم جلسوا متربصين منتظرين أية حادثة أخرى، ليعاودوا النفخ في أبواقهم الصدئة التي لا تصدر إلا زعيقا مما يجعل عزفهم نشازاً سرعان ما يعُزف عنه.

    ابتعَدوا عن الموضوعية فسقطوا في وحل التجاذبات السياسية وما تفرضه الأيدولوجيا عليهم، فانصبت تحليلاتهم على حصر التطرف في نصوص المناهج التعليمية وتناسوا أن هناك نصوص مشابهة موجودة في ثقافات وعقائد وحضارات أخرى، وتغافلوا بقصد عن الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفساد، فجاءت مخرجاتهم واستنتاجاتهم كمدخلاتهم خاطئة.

    لا نعرف كيف وصلوا لأيديولوجيتهم التي هم عليها الآن، وهم من تتلمذ على تلك المناهج ولم يصبحوا متطرفين؟! أليس وصف المناهج التعليمية بتلك الصفات هو اتهام للمجتمع بجميع فئاته، كونه تعلم على تلك المناهج؟! ما هو تفسيرهم للصراعات الطائفية والمذهبية الشرسة التي حدثت في دول كانت أقرب للعلمانية في مناهجها'؟!.

    نحن أيضا أصواتنا مرتفعة ونحذر من مواصلة النفخ في تلك الأبواق الأمر الذي قد يفرض علينا وصفهم.. بالمتطرفين الجُدد.





    [13-08-2018 06:28 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع