الرئيسية أحداث فنية

شارك من خلال الواتس اب
    اليسا .. كسبت أم المعارك
    اليسا

    أحداث اليوم - يقول المهاتما غاندي أن القوة لا تأتي من قوة جسمانية بل من إرادة لا تُقهر، اذ تعتبر الإرادة طوق النجاة من المشاكل على مختلف أنواعها التي تعصف بالإنسان، فمن يمتلك الإرادة يعرف تماماً معنى الحياة.

    لا شك في أن الإرادة تصنع المعجزات، وتنهض بالإنسان من تحت الركام والدمار، ومن يتسلح بالإرادة لا يمكن هزيمته، لأن لا شيء يمكنه مقاومة الإرادة البشرية، ومن يتمسك بالعزيمة والإصرار فإنه على الإستعداد بالتضحية بكل شيء من أجل تحقيق أهدافه.

    قد تكون النجمة اللبنانية اليسا نموذج حقيقي عمن يمتلكون الإرادة، عمن يحبون الحياة ويتمسكون بالأمل حتى لو كان الأمل “إبرة بين كومة قش”، ولا فرق بين أمل كبير أو صغير، الفرق بين من يتسلحون بالأمل ومن يستسلمون للمشاكل والهموم.

    لم تستسلم اليسا أمام مرض سرطان الثدي، بل جهزت أسلحتها المناسبة لخوض أم المعارك، واضعةً هدفاً واحداً لمعركتها المصيرية إما النصر أو النصر، وكان لها ما أرادت حيث وجهت ضربة قاضية للمرض، لأنها إنسانة مؤمنة وأدركت جيداً أن الإرادة والإيمان سلاحيها الوحيدين لكسب المعركة الحقيقية.

    لم تضعف اليسا طيلة فترة مرضها على الرغم من كمية الوجع الذي لا يشعر به الا صاحبه، لم تظهر للعلن أنها مريضة، لم تظهر عليها علامات المرض، بل أخفت كل ذلك في السر، لم تكشف عن نقطة ضعفها أمام الجمهور، تابعت حياتها المهنية لأنها شخص مهني، تُحب عملها، تعمل على سعادة جمهورها حتى في عز وجعها.

    في عالم عربي ضعيف، يعاني من قلة الأمثلة والنماذج التي قد تكون قدوة للناس إن لم تكن غائبة تلك النماذج، قدمت اليسا نفسها نموذجاً حقيقياً للملايين، إمرأة صلبة تحدت أصعب أنواع المرض، سيطرت عليه وفرضت نفوذها وقوة شخصيتها، أكدت على أن الأمل يخلق من رحم الوجع والمعاناة، وأن الإنتصار يبدأ من الذات والثقة بالنفس.

    في رحلة اليسا مع سرطان الثدي، كشفت أهمية الصداقة الحقيقية، هؤلاء الأصدقاء الذين يشكلون خط الدعم الأول الى جانب الأهل، وما أجمل أن يكون لدينا أصدقاء نجدهم في أصعب المواقف، يقدمون كافة الدعم المعنوي، أصدقاء عندما نقول “آخ” نجدهم الى جانبنا دون مصالح أو حسابات ضيقة.

    في مجتمعات عربية مريضة، هناك من يعيشون بصحة جيدة ولكنهم على هامش الحياة، لا هدف ولا طموح لديهم، وعلى النقيض تماماً هناك من لا يمتلكون الصحة ولكنهم يمتلكون الطموح والأمل والإرادة للتغلب على أمراضهم والسير قدماً في معركة الحياة.

    دائماً ما تخرج الأصوات الشاذة التي لا يعجبها العجب ولا الصيام برجب، حتى الإنتصار على المرض اللعين ينظرون اليه من باب الطبقية والفوقية، من باب الغني والفقير، وكأن المرض يعرف الغني والفقير. في هذه النقطة لا يمكن القول أن اليسا نجمة معها ملايين الدولارات واستطاعت العلاج على أيدي أهم الأطباء، لأن هذا الكلام “عيب”، ما نفع الملايين لولا الإرادة، وكم من غني إمتلك الثروات الطائلة ولكنه لم يمتلك الإرادة للتغلب على مرضه، وكم من فقير لم يتخلى عنه ربه وإمتلك الإيمان والإرادة وإنتصر على المرض، ولكن الفرق أن اليسا شخصية عامة، ورحلتها مع المرض بمثابة نموذج حقيقي للجميع.

    أظهرت تجربة اليسا أن لا عداء يدوم وأن الواجب الإنساني أقوى من الخلافات والمشاكل، وكشفت معادن الناس وحقيقتهم الإنسانية، وأعطت درساً مجانياً للجميع بأن الحكم المسبق على تصرفات الناس غير مبرر، ولا أحد يعلم ما في النفوس الا خالقها.

    لا بد وأن تكون اليسا نموذجاً لكل شخص فقد الأمل، درساً لنا جميعاً، لعل وعسى أن نتعلم حب الحياة واستماد القوة من نقاط ضعفنا، والعمل على تغيير حياتنا نحو الأفضل، وعدم التفكير بالأفكار السلبية وتحويلها الى افكار ايجابية وطاقة نستمد منها قوتنا، وعدم هدر الوقت في التشاؤم لأن بإمكاننا صنع المعجزات في لحظة أمل واحد، ولا بد وان يتذكر الناس قدرة الخالق على تغيير أحوالنا، وما بين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حالٍ الى حال.





    [09-08-2018 11:00 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع