الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    إعلام الأزمات

    صحافة اليرموك -

    الإعلام الذي يلعب دوراً في دفع أطراف نزاعٍ ما إلى طاولة الحوار، هو ذاته الذي يزيد اشتعال النار في أطراف الدوائر التي تقف في مواجهة بعضها جرَّاء مواقف مختلفة، القضية هنا بعيداً عن أخلاقيَّتها، إنها اصطفاف أذرع إعلامية لا تقل خطورتها عن الأجنحة العسكرية التي تستخدمها جهات ما لدعم موقفها.

    وسائل الإعلام لها دور أساسي وخطير في الأزمات وهي تلعب دور الوسيط بين عنصر الأزمة والمجتمع، قد يكون الدور إيجابياً في التخفيف من حدة الأزمات من خلال تزويد الجماهير بالحقائق للحد من انتشار الشائعات وتنوير الأفراد بما يساعدهم على تكوين رأي عام صحيح
    وقد يكون سلبياً وذلك عن طريق تأجيج الرأي العام وانتقائية التغطية، وتغليب العاطفة على المنطق، والتركيز على الدعاية الرمادية التي تنشر حقيقة يؤمن بها الناس كافة لكنها محاطة بهالة كبيرة من الإشاعات والأكاذيب

    مثال على ذلك: أزمة مرض “جنون البقر” في بريطانيا عام 1990، حيث أصاب الناس بحالة هستيرية نتيجة نقص المعلومات الدقيقة بالمرض مما أدى لتصاعد الأزمة، حيث أدى تداول وسائل الإعلام لكلمة أبقار وكلمة جنون إلى جعل الناس يعتقدون أنهم سيتجولون إلى أبقار ويصابون بالجنون

    بالإضافة إلى الأزمة الخليجية عام 2017، عندما قامت قناة العربية السعودية ببث تقرير تبين فيه نقص المواد التموينية والغذائية في الأسواق القطرية نتيجة مقاطعة دول الحصار لها، مما جعل قناة الجزيرة القطرية ترد بقوة على ادعاءت العربية وتنقل صور مباشرة وحيّة من داخل الأسواق القطرية لدحض زيف هذه الادعاءات

    وانتقالاً إلى سوريا ومصر وتونس وليبيا واليمن وغيرها من الدول العربية التي تعاني اليوم من حالة عدم استقرار، يكون إعلام الأزمات فيها على أشدّه نتيجة تواجد المعارضين للنظام والمؤيدين له، وسعي كل منهما إلى فرض وجهة نظره الخاصةعلى الجمهور، مما أدى إلى غياب المعرفة الواعية لتكوين رأي عام إتجاه هذه البلدان، وضبابية رؤية الحقيقة أو حتى إنعدامها

    هذا النوع من الصراع بين وسائل الإعلام والمسيطرين عليه جعل الجمهور ينقسم إلى ثلاثة أنواع، مؤيد، معرض، محايد، النوع الثالث لم يكن كذلك في البداية لكن أعيته غياب الحقيقة والمصداقية والموضوعية وإنحياز كل وسيلة لما يخدم مصلحتها فقط وضرب الوعي والحقيقة و المصلحة العامة عرض الحائط

    لذلك يمكن اعتبار الإعلام من أهم الأسلحة في تغطيته للأزمات لما يملكه من قدرات في الإنتشار والوصول للناس بسرعة كبيرة في وقت قصير جدًا، ولإمتلاكه قدرات كبيرة في التأثير والسيطرة النفسية على الأفراد والإقناع للجمهور والتحكم في السلوكيات وتوجيهها.

    فالإعلام إن لم يؤد دوراً بشكل صحيح وإيجابي وقت الأزمات كيفيمكن أن يكون أداؤه وقت السلم والراحة والرخاء؟





    [23-07-2018 07:42 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع