الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الرسالة وصلت

    وصلت الرسالة، ورحلت حكومة الملقي كنتيجة طبيعية لانفصالها عن واقع الأردنيين وتأثير سياساتها عليهم، وهذا درس لحكومة الدكتور عمر الرزاز بأن تتلمس واقع الناس وتشتبك معه بشكل حقيقي، وهذه أولى الرسائل.
    بجردة بسيطة لمجريات الأسبوع الماضي يتبين أن أبرز نتائجها كان تقديم الأردنيين نموذجا حضاريا في الاحتجاج، ورسمهم أمام العالم حالة فريدة من السلوك الحضاري في التعامل بين الشارع والسلطة، الذي نفاخر به الدنيا ونعتز بها، فهذا الشعب حي واع. وما تم أمر علينا جميعنا الحفاظ عليه.
    والرسالة الثانية بعثها الملك، إذ أكد انحيازه للناس والمجتمع وتفهمه غضبهم وحنقهم بسبب قسوة السياسات الحكومية، وإدراكه عدالة المطالب الشرعية للأردنيين بحياة كريمة.
    كتاب التكليف الملكي لحكومة الرزاز أيضا حمل رسائل مهمة للغاية، فالتكليف شكليا كان مقتضبا ومكثفا، وضمن عناوين واضحة تؤكد أن الملك استلم رسالة شعبه وشعر بهم، وعبر في كتاب التكليف عن همومهم.
    الكتاب جاء بنقاط محددة، تلخص آمال الأردنيين والعناوين العريضة للمشروع الوطني الأردني خلال الفترة المقبلة، بحيث تبدأ الحكومة بمعالجة كل الأسباب التي قادت الناس إلى الشارع احتجاجا على أحوالهم وأوجاعهم، خصوصا مراجعة النظام الضريبي وليس مشروع قانون ضريبة الدخل فحسب، أي أن الملك وسع دائرة الإصلاح المطلوب، ليكون النظام أكثر عدالة ويقدر العبء الضريبي الواقع على الأردنيين.
    الرسالة الثانية بعد إقالة حكومة الملقي، جاءت من خلال اختيار عمر الرزاز، الرجل الإصلاحي، لرئاسة الحكومة في المرحلة المقبلة، بما يعرف عن الرجل من نزاهة واستقامة، ونجاحات سجلها في المواقع التي استلمها.
    مهم أن يدرك الأردني أن الرزاز واختياره يعد بمثابة إيذان للبدء بحملة جديدة من الإصلاح المطلوب، وهو الذي يمتلك رؤية نقدية إصلاحية للحالة العامة، ما يجعل العمل أمامه طويلا ومليئا بالمخاطر. يعلم الأردنيون أن رحيل حكومة ومجيء أخرى، على أهميته، لا يكفي لإقناعهم بأن القادم سيكون أفضل، اللهم إلا إذا توفرت شروط النجاح جميعها، وانغمست الحكومة الجديدة في هموم المواطن، وعاملته بعدالة من حيث الحقوق والواجبات.
    حتى اللحظة ورغم الصورة الإيجابية للحدث وكيفية التعامل معه، فإن ذلك لا يعني انتهاء الأزمة وأن العبور تم بسلام، بل يتطلب عملا مضنيا لنؤكد للناس أن ثمة جديدا في الأفق، وهذا ليس بالأمر السهل في ظل تعقد المشهد وتداخله وأيضا محدودية الموارد المالية.
    المرحلة حرجة والتحديات كثيرة وكبيرة؛ محلية وخارجية، لذلك على الناس أيضا تلقي الرسائل من الجهة الأخرى ومنحها الفرصة للتنفيذ، طالما أن نيتهم الإصلاح والتقدم، ومغادرة حالة اللايقين التي عشناها لعقود.
    اليوم نحتاج إلى فترة انتظار أو اختبار للحكومة المقبلة، وأن نوفر لها بيئة مناسبة للعمل، وعدم الإصرار على بعض مطالب عدمية لا تخدم أحدا، فحتى مجلس النواب ورغم كثير ملاحظات عليه، فهو قناة ضرورية لتنفيذ مطالب الناس بإقرار قانون ضريبة عادل.
    ما هي شروط النجاح؟
    مفتاح النجاح للرزاز أولا أخيرا الفريق الذي سيعمل معه، والذي يتوجب أن يكون فريقا قويا وقادرا على حمل الملفات الثقيلة، بحيث يكون على قدر الوطن وأزمته، ومدركا لحجم الضغوط، وقادرا على تجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخ الأردن.
    وأيضا، مفتاح النجاح أن نمنح الرزاز الفرصة كاملة للعمل، فاليوم، نحن نضع ثقتنا به لإخراجنا من وضع صعب، إذن؛ فلا أقل من أن نمنحه الفرصة، على أقل تقدير، لكي يخبرنا ببرنامجه الوطني.





    [07-06-2018 02:05 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع