الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    ماذا لو كان الضحايا من غير"الغوارنة"؟

    فهد الخيطان
    الباحث والزميل أحمد أبو خليل،هو الوحيد من بيننا معشر الصحفيين والمحللين و"المنظرين" الذي التفت لمأساة عائلات ضحايا انفجار الصوامع في العقبة.أبو خليل الذي أسس لإعلام الفقر في الأردن، وواظب لسنوات طويلة على سرد قصص الفقراء وتوثيق تجاربهم في الحياة، وضع جانبا الجدل الدائر حول الشركات المعنية في العطاء وقيمته وملابسات الانفجار وظروفه، وذهب صوب غور الصافي ليرصد حال العائلات الثكلى، وينقل صوتهم في تقرير صحفي نشرته"الغد" في عددها يوم أمس.
    كان أبوخليل،على ما أكد والد أحد الضحايا، أول شخص يزورهم من خارج المنطقة.لم يسأل أحد بهم،حتى وسائل الإعلام كان كل همها قيمة العطاء وهوية الشركة المنفذة، وأسئلة مشابهة عن قيمة الخسائر المادية وقانونية الإجراءات.
    يقول أبو خليل في تقريره إن "الحادثة تطرح سؤالا عن موت الفقراء!فماذا لو كان قتلى الحادث من غير الفقراء؟"
    في السؤال والمعالجة قدر كبير من المرارة لهذا التجاهل من قبل المسؤولين لمأساة العائلات وعدم السؤال عنهم،باستثناء ما أعلنه بالأمس مدير مؤسسة الضمان الاجتماعي الدكتور عز الدين كناكرية عن توجه لشمول عائلاتهم بالضمان.
    لكن مأساة الضحايا وعائلاتهم مضاعفة؛فهم ليسوا فقراء فحسب بل" غوارنة" أيضا. في نظر قطاع اجتماعي عريض من المسؤولين والناس هم مواطنون من الدرجة الخامسة. مناطقهم الأكثر فقرا في الأردن وشبابهم يعانون من بطالة لامثيل لها, رغم الموارد الزراعية الهائلة لمناطق الغور، وتمثيلهم في الوظائف العليا للدولة معدوم تماما.عشرات الآلاف من المواطنين خارج حسابات المؤسسات الرسمية،وماداموا لايحتجون ولايبتزون الدولة مثل سواهم فلماذا نحمل همهم؟!
    لم يصدر من عائلات الضحايا أي رد فعل غير قانوني بعد موت أبنائهم. لا احتجاج ولا تكسير أو إغلاق للشوارع كما يحصل في معظم المحافظات بظروف مشابهة.واعتقد أن اطمئنان السلطات لردود فعل أهاليهم كان أحد أهم دوافع تجاهلهم!
    التهميش المستمر منذ عقود، والنظرة الدونية لسكان الأغوار الجنوبية، وضعتهم على الدوام في دائرة بدا معها وكأنهم تكوين اجتماعي طارىء على البنية الأردنية، مع أنهم من صلبها وأصلها، لايختلفون عن سواهم سوى بلون بشرتهم. وقد تحملوا على مدار سنوات طويلة مسؤولية تزويد الأردن بحاجاته من المنتجات الزراعية" الخضروات والفاكهة".
    البندورة التي نباهي بها في أسواق العالم هي نتاج كدهم وتعبهم في منطقة تغدو الحياة فيها بأشهر الصيف عقوبة لايطيقها كائن حي.
    ماحدث في انفجار العقبة كان مأساة بحق أهم ما فيها فقدان ستة شبان لحياتهم. دعونا نجعل منها نقطة تحول في علاقاتنا مع الغوارنة ونظرتنا إليهم،ولتكن المبادرة من الحكومة، التي لم تفكر حتى اللحظة بإرسال وفد لتقديم التعازي لعائلات الضحايا ومواساتهم.
    بخلاف الانطباعات السائدة عن أبناء الأغوار الجنوبية، فهم جادون في العمل، ويقبلون على مهن لايرضى بها غيرهم من الأردنيين العاطلين عن العمل،والدليل موقع العمل الذي لقي الشبان الثلاثة من أبناء غور الصافي حتفهم فيه.
    أزيد على سؤال الصديق احمد أبو خليل سؤالا ثانيا: ماذا لو لم يكن القتلى من غير"الغوارنة"؟





    [24-05-2018 09:41 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع