الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    «باشا بوشي»

    احمد حسن الزعبي
    ليست وجبة ايطالية ، كما أنها ليست «طلاسم شعوذة»، هي البؤس المعتق والحزن العميق..في أفغانستان يطلق مصطلح «باشا بوشي» على الفتيات اللاتي يتنكّرن بلباس فتيان لكي يحصلن على عمل يومي في إحدى المهن الذكورية علّهن يعلن أسرهن الفقيرة..في البيوت التي ليس فيها ذكور ،تلبس الفتيات لباس الرجال القميص والسروال الأفغاني يغطين وجوههن بلثام ثم يبحثن عن عمل في ورش البناء ، يحملن الطوب وينقلن الرمل ،ويرفعن الحديد على ظهورهن، يقمن بتحميل البضاعة او تنزيلها في الأسواق التجارية نظير دولار او دولارين في اليوم تسدّ حاجة أسرتها..

    «باشا بوشي» عندما ترتدي الفتاة ثوب الرجولة ،ثوب الحاجة ، ثوب الجوع ،لتغطي وجه الرغيف المفضوح ،تكدح وتتحمل قسوة العيش ، تصعد السلالم الطويلة ،تطأ المسامير تتحمل الاهانات والابتزاز والخشونة ، والعرق الرفيق ، كي لا تتسول..مرآتها برميل ماء تغسل وجهها آخر النهار فيه قبل مغادرة «الورشة» بكثير من التعب والذكورة المتنكرة!.

    حتى هنا صرت أخشى من «باشا بوشي» على الطريقة الأردنية ، عندما أشاهد الفتيات العائدات من المصانع وقت الغروب فرحات لمجرد الخروج من «هنغر» التصنيع يتنفسن الهواء والضوء ، عندما أقرأ وجوه الواقفات أول الليل بانتظار حافلة العودة من مهن شاقة وساعات عمل طويلة وظروف مهنية رديئة ورواتب أقل بكثير من الحد الأدنى، كم أخاف ان نجوع أكثر ونحتاج أكثر ويحني الرغيف ظهورنا أكثر ، فتصبح «الباشا بوشي» في ورش البناء وشق الطرق والعتالة وفي محطات الوقود والسوق المركزي..

    أكثر ما يزعجني عندما يقول أحدهم «ما في جوع»، وأنا أعرف جيداً جداً أن هناك جوعاً وجوعاً لئيماً ، يحتال الأب فيه على أولاده عند تراجعه عن المائدة باكراً او يتأخر قاصداً عن موعد الغداء ،أعرف بيوتاً صار يعسرها «دينار» الخبز أكثر من ذي قبل..أعرف بيوتاً فيها «باشا بوشي» ليجمعوا من الحاويات ما يمكن بيعه او تناوله طازجاً بعد أن شبع مروجو مقولة: «ما في جوع»!

    الرأي





    [30-04-2018 09:48 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع