الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    سبعون خريفًا من «الاستقلال» (2-2)!

    حلمي الأسمر

    1-
    حينما يتحدث ثلاثة من كبار الجنرالات الصهاينة عن سيناريوهات قاتمة تحيط بمستقبل كيان العدو الصهيوني في فلسطين، فيجب أن نستمع جيدا، ونعي ما يقولون، خاصة في ظل ما وصفوه بـ»الفجوات الكبيرة بين مختلف مكوناتها الاجتماعية»، باعتباره أكثر خطرا من حرب تقليدية قد تشن عليها!
    الاهتمام برؤية هؤلاء ومن يشبههم ممن يتحدث عن مستقبل الكيان وفرص بقائه، والتهديدات الوجودية التي تضع علامة شك حول قدرته على البقاء، جزء من الاستعداد ليوم قادم بلا شك، يوم بلا احتلال، وحتى لو بدا هذا حلما بعيد المنال، فمن واجب من يضع «بيضه» كله في «سلتهم» أن يحسب حساب هذا اليوم!
    -2-
    الكاتب العبري أهارون لابيدوت أجرى حوارات مع يتسحاق نير وأريك تشيرنياك من كبار ضباط سلاح الجو، وميشكا بن دافيد أحد كبار رجال الموساد السابقين، والثلاثة «أصدروا في السنوات الأخيرة عدة كتب تتحدث عن أخطر السيناريوهات المتوقعة التي قد تهدد إسرائيل، والقاسم المشترك بينها هو التوقعات الصعبة القاسية على مستقبل «الدولة»، وصولا لما يشبه تهديدا وجوديا عليها»، حسبما يقول، في مقابلة مع صحيفة «إسرائيل اليوم».
    والغريب أن إسرائيل شهدت صدور مثل هذه الكتب عقب حرب أكتوبر1973 «حين وصلت لمستويات غير مسبوقة من الإحباط واليأس، وتسللت الهزيمة العسكرية للوعي الداخلي في نفوس الإسرائيليين، حول مسألة بقاء الدولة من عدمه، مما أوجد البيئة الخصبة لظهور ما يعرف بالأدب البائس»، ويتساءل هنا: «هل تعيش إسرائيل اليوم ذات المرحلة؟». ينقل بن دافيد بكتابه «سمك القرش» الصادر قبل أشهر، رواية عسكري إسرائيلي يعمل في معبر بيت حانون(إيريز)، فيقول: «رؤوبين أحد حراس معبر إيريز شمال قطاع غزة يتحدث مع ضابطه المباشر على الهاتف، قائلا: أرى نساء، أطفالا، أمواجا كبيرة من البشر، وآلافا يأتون من داخل الظلام، حتى لو أطلقت عليهم كل مخازن الذخيرة التي بحوزتي فلن أوقفهم، لأنهم خلال دقيقة واحدة سوف يدوسون علي، وليس لدي أوامر بإطلاق النار، ولم يتحدث معنا أحد من كبار الضباط عن سيناريو اجتياح بشري من هذا النوع».
    -3-
    «الثلاثة لديهم ماض أمني وعسكري طويل، وكان لافتا أن كلا منهم رأى الكارثة القادمة نحو إسرائيل من وجهة نظر مختلفة، وهم يعتقدون أن إسرائيل يمكن النظر إليها من زاوية جيو-سياسية واسعة، لكنها في حال أبقت اعتمادها على الولايات المتحدة، فإنها ستجد نفسها بعد بعض الوقت على حافة الهاوية».

    ويرى الجنرالات الثلاثة: «يحمل الصراع مع الفلسطينيين بين ثناياه تهديدا خطيرا يتمثل بانضمام فلسطينيي الـ48 إليه، ولعلها من التهديدات الداخلية المتمثلة بوجود مخاوف من انضمامهم لقائمة أعداء إسرائيل، رغم أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية غير مهيأة لهذا السيناريو المخيف، سواء من الناحية السياسية أو العسكرية».

    إلى ذلك يحذر الجنرالات الثلاثة من «اتساع الفجوات الاجتماعية بين الإسرائيليين، وما تحمله من ضغوط خارجية، بما قد يحدث انفجارا داخليا كبيرا يدخل إسرائيل في حالة من التيه والهاوية».

    وينقل لابيدوت عن بن دافيد قوله: «مخاوفي تكمن في أن إسرائيل تتقدم نحو الهاوية، نظرا لعدة أسباب جوهرية، رغم وجود التفوق العسكري، والاقتصادي والنوعي، على جميع الدول العربية، لكني لا أجد دعما دوليا لها، كما حظينا به في العقود الأولى من عمر الدولة، بالعكس أرى حركات ومنظمات مثل بي دي إس (حركة مقاطعة إسرائيل) تسجل نجاحات ضدنا، وأخشى من وصولنا إلى يوم يسلم فيه العالم بغيابنا عن الخارطة، ويبدي فيه استعدادا لعدم بقاء إسرائيل، على اعتبار أن الثمن الذي سيدفعه مقابل هذا الخيار ليس كبيرا».

    وإلى مقال قادم بإذن الله، لنكمل عرض هذه الرؤى الهامة التي تضيء جانبا معتما من مشهد الصراع مع المشروع الصهيوني في فلسطين..

    الدستور





    [21-04-2018 12:06 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع