الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    نكبة أطفال سورية: عالم غير مكترث

    تقول اليونيسف في آخر دراسة أصدرتها حول الأطفال السوريين، إن 85 % منهم تحت خط الفقر. هذا الرقم خطير ويضيف عبئا آخر على الأردن الذي يعاني أزمة اقتصادية ومالية خانقة، كما يفرض تحديات اجتماعية وأمنية جديدة.
    النسبة صادمة بلا شك، وهي مرتفعة جدا، لكنها في الوقت نفسه تفضح حجم قصور الجهات المانحة في توفير الأموال اللازمة لإنقاذ هؤلاء الأطفال وعائلاتهم.
    تقول الدراسة إن الأسر السورية اللاجئة التي تعيش في المجتمعات المضيفة في الأردن تعاني من صعوبة متزايدة في تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك كيفية إطعام أطفالها وتعليمهم وحمايتهم، وهذا طبيعي، فهم أولا وأخيرا، موجودون في دولة محدودة الموارد، وغير قادرة على توفير الخدمات اللائقة لمواطنيها، فما بالك باللاجئين.
    الدراسة تكشف مدى معاناة الأطفال السوريين خارج المخيمات، وهم الغالبية العظمى من اللاجئين، خصوصا أن التمويل لاحتياجات اللاجئين السوريين تراجع بشكل كبير بعد أن تخلّص العالم من تدفق اللاجئين إليه، فلم يعد ثمة مبرر لدعمهم لإبقائهم في المجتمعات المضيفة، بل تركتهم تلك الدول دون أدنى شعور بضرورة تطبيق المعايير الدولية لمساعدتهم على التعايش وتوفير الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية.
    94 % من الأطفال السوريين ممن هم دون الخامسة ويعيشون في المجتمعات المضيفة يعانون من فقر "متعدد الأبعاد"، بحسب الدراسة، أي أنهم محرومون من الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية الخمسة، وهي: التعليم والصحة و"المياه والصرف الصحي" والحماية والسلامة.
    وتذكر الدراسة عديد حالات من الآباء وصلت إلى حد حرمان أنفسهم من وجبات الطعام لتوفيرها لأبنائهم. كما اضطرت بعض الأسر السورية، وعلى نحو متزايد، للاتجاه لإرسال أطفالها للعمل، وتزويج بناتها القاصرات لتوفير سبل المعيشة.
    معاناة السوريين لا تنفصل أبدا عن الحالة العامة الأردنية، فالاقتصاد غير قادر على توفير عمل للأردنيين فكيف هو حال السوريين، ثم إن من كان محظوظا وظفر بفرصة عمل فإن أجره ليس أقل من الحد الأدنى للأجور فحسب، بل إنه غير كاف لتوفير جزء يسير من الاحتياجات في ظل الزيادات الكبيرة في أسعار السلع والخدمات أردنيا.
    عدد السوريين في الأردن يشكل نحو 20 % من السكان، وهذه النتيجة من الأطفال الفقراء وأسرهم، بصراحة، ليست مفاجئة بعد تخلي المجتمع الدولي عنهم وتخلي الدول المانحة، طالما أن السياسة تتقدم على الأخلاق والإنسانية.
    قصة أطفال سورية في الأردن كارثة إنسانية حقيقية يدفع ثمنها أطفال أبرياء في الأردن، خصوصا أن مئات الآلاف من السوريين يتلقون خدماتهم الأساسية؛ تعليمية وصحية وغيرها، من المؤسسات الحكومية، وفجوة التمويل لخطة الاستجابة المالية للاجئين السوريين ما تزال كبيرة رغم أنها أُقرت بالتوافق ما بين الحكومة الأردنية والجهات المانحة.
    اليوم، وبعد هذه السنوات من مؤتمر لندن لدعم اللاجئين السوريين والوعود الكثيرة فيه، والتي لم ترَ النور، يحتاج الأردن إلى أن يعلن حالة الطوارئ، ويعلن أن السوريين وأطفالهم جماعات منكوبة حتى يراجع العالم سياساته في التعامل مع السوريين ومع الأردن أيضا.
    اليوم، وبعد سبع سنوات من الأزمة السورية، وتوقعات باستمرار لجوء السوريين لسنوات طويلة مقبلة، على المؤسسات الأممية والحكومة الأردنية أن تطلق جرس الخطر من تبعات فقر السوريين، ليس على حياتهم فقط، بل، وأيضا، على أمن الأردن واستقراره.





    [08-03-2018 09:29 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع