الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    هذا وطنٌ قابلٌ للهجيني

    الهجيني بوصفه أداة تعبيرية تنسي المواطن وجعه من خلال مقاطع صوتية على البحر البسيط أو حتى مجزوء الوافر. هجيني ألبسُ له الزي المفضل، ثوب أبيض وكندرة (وطية، صرماجه، صرمايه) سوداء وجوارب بيض وجاكيت جلد أسود باعه أحد الغجرعلى إشارات حوارة وأضع بيدي مسبحة جاءت توًا من نصاب الحيّ العائد من العمرة مع قلم "بك" أزرق في الجيب الأمامي وفاتورة كهرباء في الجيب النائم فوف بز الرجل الأيسر، الجلسةُ يعرفها أكثر البشر، جلسة مع كوعٍ من ماركة "مفضي أو فلاح"، جلسة لن يعرفها العائدون من "الجم" أو شريبة قهوة "ستاربوكس الرديئة". ثم هجيني.

    ستقول مثلًا: "وبراس عنيزة زعقت الصوت واهدي بالقلب لا يطيري"، ثم أضيف مستدركًا "أبو ثنايا ذهب ياقوت نسم حليب المزاغيري"، ولك أن تتفلحّن في هجينيتك فتقول: "واطلعت انا عالي المرقاب من ضيقة الصدر يا مفضي" وتضيف بعد أن تبلع ريقك: "والي تبلاني عريض اكتوف والزين ما دبره حظي". أحبُّ الهجيني، تحديدًا عند الإشارة التي تربط الصويفية بعبدون حيث شارع المطبات، أفتح النافذة وأصرخ مثل مجنون يبصقُ على حداثة المكان وبيوت المستثمرين والسفارات النائمة هناك بلؤم نعرفه.. هجيني ولا شيءَ يبعصُ كيفك في هذا الوجود.

    لا شيء يبعص الكيف إلّا شوفانية الشماغ الأحمر وعبادة الربابة ووصف البنادق والعسكر ورجالات الجيش والتفاخر بالقبيلة من خلال الكتابة -المفرطة- عن رجالات العشيرة والاحتفاء المُبتذل بالشرق أردني ولو كان "جحشًا" والغمز واللمز على الأردني من أصل فلسطيني إذا كان مسؤولًا في الأردن (وطنه)، هذا شيءٌ يبعصُ الكيف في وطنٍ لا يصلح إلّا للبكاء والحنين والهجيني واشتهاء موظفة الصندوق في البنك كلما دفعت لها أقساط عبوديتك.

    بعصٌ كبيرٌ هنا وأنت تسمع إفراط أغاني عمر العبدلات وصور القيادات الأردنية الإقليمية (بين ميت أو في آخر عمره) واقحام الفكر القروي المتخلف (الفكر وليست روح القرية التي تسكن وجداننا وتشكل هويتنا) والتهكم على المدنية.. ثم تواصل الهجيني فتقول: "هذا الهجيني ما منه فود/عذب قلوب الهوى وياه". لا شيء يستدعي انتباهك إلّا الهجيني، لا شيء يحميك من بعصة الكيف إلّا استخدام نعلك ورجّ أي رأس كبيرة هنا. على الأقل ليعرفوا أن "مش كل مَنْ بعص فاز". يا ملعون "ديد" امهاتكم.





    [28-01-2018 11:11 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع