الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    عيّنات من سايكولوجيا الضحية!!

    الجلاد واحد رغم الاختلاف الكمي لمنسوب ساديّته وكذلك السجّان، لكن الضحيّة متعددة كما ان السجناء ليسوا سواسية في ردود افعالهم ومواقفهم، والضحية قد تكون بليغة او خرساء، لكن ما حدث في مختلف مراحل التاريخ هو ان الضحية غالبا ما تكره كلّ ما يذكرّها بنفسها ولهجتها وهويتها ايضا، خصوصا حين تكون شحيحة الرجاء بتغيير الحال، فاليهود في فترة ما كانوا يهربون من كل ما يذكر الاخر بهويتهم، لهذا تماهوا مع الشعوب التي عاشوا بينها واصبحت اسماؤهم غير ذات دلالة على العرق او الدين وذلك بعكس ما يحدث الان، بعد ان اعتقدوا بأنهم اقوياء ومُنتصرون، لكنهم سرعان ما انتجوا يهودهم من صلبهم، وهذا ما يمكن التأكد من صحته اذا قرأنا ما كتبه السفارديم او اليهود الشرقيون عن معاناتهم من الاشكيناز واخيرا ما كتبه الفلاشا والسود عن الاضطهاد بحيث بلغ الامر حدا بعيدا من عنصرية اللون واصبح دم اليهودي الاسود غير صالح لليهودي الابيض!.
    الضحية متعددة لو كان المصير واحدا، فالنعجة ليست لبؤة بأية حال، وثمة فارق جذري بين ضحية تتماهى مع جلادها وتصبح تلميذة مستجيبة لتعاليمه وبين ضحية نبيلة وبليغة كنلسون مانديلا الذي كان محصّنا وملقحا ضد الاصابة بالعدوى العنصرية من جلاديه البيض طيلة حياته التي استمرت اكثر من تسعة عقود قضى ثلثها في زنزانة كانت بسعة العالم كله! ولأن الضحية الخرساء تشعر بالنفور من مثيلاتها، فهي تحاول الاختلاف وتغيير الجلد واحيانا تتقمص جلادها من باب التقيّة كي تنجو!
    ولم تدرس سايكولوجيا الضحية كما تستحق، رغم انها منجم لمن لديه شهوة بحث في هذا المجال، والمسألة اولا واخيرا متعلقة بثقافة الضحية ومرجعياتها، فهي إما ان تكون امتثالية سريعة التأقلم او متمردة تعي استحقاقاتها للحياة والحرية والكرامة!
    والامثلة التي يقدمها التاريخ في هذا السياق لا تحصى!!.





    [14-01-2018 01:37 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع