الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    عمان واشنطن وبالعكس

    يُفترضُ أن يتمَ في الفترة المقبلةِ التوقيعُ على مذكرةِ التفاهم الأردنية الأميركية، المتعلقةِ بالمساعداتِ المقدمة للمملكة خلال السنواتِ الخمس المقبلةِ.
    المعلوماتُ تقول: إنه من المتوقع أن تقدمَ الولاياتُ المتحدة مساعداتٍ سنويةً تقدر بحوالي 1.2 مليار دولار، تتوزعُ على المساعدات الاقتصادية والعسكرية.
    العملُ على توقيع الاتفاق بدأ منذ أشهر، وآخرُ مباحثاتٍ تمتْ بخصوصهِ كانت خلال زيارة الملك الأخيرة لواشنطن خلال الشهر الماضي، لكنْ اليومَ وبعد تهديداتِ الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقطع المساعدات عن الدول التي تصوتُ لصالح القدس، نتساءلُ إنْ كانت هذه المنحُ ستصل فعلا؟.
    اليوم، ثمةَ أسئلةٌ كثيرة تتعلق بمستقبل العلاقة الأردنيةِ الأميركية عقبَ قرار الرئيس الأميركي القاضي بإعلان القدس عاصمةً لإسرائيل، إضافة إلى قرار نقل السفارة للقدس خلال الفترة المقبلة.
    الأسئلة الأخرى تتعلق بمدى تأثير رد الفعل الأردني الرافض للقرار لتهديده المصالح الأردنية، حين وقفتْ أميركا وقرارها في جانب، والعالم أجمع في جانبٍ آخر، ودليل ذلك نتيجة التصويت في مجلس الأمن على قرار القدس، إذ بدتْ الولاياتُ المتحدة معزولةً في مواجهة بقيةِ الأعضاء الرافضين للقرار.
    التساؤلات تتصاعد في ظل تقييم غربي يقول إن ردَّ الفعل العربي أقلُ من المتوقع، ويعكس ذلك ما قالته ممثلةُ أميركا في مجلس الأمن بأن السماءَ لم تنطبقْ على الأرض بإعلان القدس عاصمةً للمحتل.
    كما يثير الأسئلةَ ما يخرج من تصريحات أميركية فيها نوعٌ من التنمر على العالم، إذ حذرت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي الدولَ الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة من أنها ستبلّغ ترامبَ بأسماء الدول التي ستدعمُ مشروعَ قرار مطروحٍ للتصويت عليه اليوم، يرفض إعلانَ واشنطن الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، فيما هدّد هو شخصيا بمعاقبة كلّ من يصوت بلغة فيها استقواء وابتزاز.
    من الأسباب التي تدفع الأسئلةَ للأذهان بشكل عام سياسةُ ترامبِ غير المتوقعة، وقراراتُه المخالفةُ للقانون الدولي والشرعية في عديد ملفات، كان آخرها تصريحاتِه ليلةَ أمسِ وما قاله بمناسبة خروج القطار عن سكّتهِ في إحدى الولاياتِ الأميركية، وربط ذلك بالمساعدات التي تقدّمُ للشرق الأوسط، وأنه من الأَولى تقديمها لدعمِ البنية التحتية في بلاده، والجميع يعرف أن الأردنَ ومصرَ هما الدولتان اللتان تتلقيان منحاً ومساعداتٍ أميركية، إذا ما استثنينا إسرائيلَ التي بالتأكيد لا تشملها مثلُ هذهِ الرسالة.
    بالعودةِ إلى التساؤلاتِ حول مستقبل العلاقة، يمكن القولُ إن معطياتٍ كثيرةً ترتبط بالإجابة على السؤال، أهمها أنه ليس جميع المؤسسات الأميركية منسجمة ومتفقة مع قرار ترامب بخصوص القدس، ثانيا أنّ الأردنَ من وجهة نظر الأميركيين أنفسهم يرتبط بعلاقات عميقة ووثيقة مع العديد من المؤسسات الأميركية، وكذلك يرتبط الأردنُ بعلاقاتٍ طيبةً وإيجابيةً مع الكونغرس بشقيه؛ الديمقراطي والجمهوري، وهذه ميزة لا تتوفر لدولة أخرى.
    الجزئية الأخرى، أن العلاقةَ الأردنيةَ الأميركيةَ استراتيجيةٌ ومتعددةُ الأهداف، فالأردنُ حتى اليومِ هو البلدُ الوحيدُ المعتدل والوسطيّ، مقارنةً حتى بحلفاء ترامب الجددِ في المنطقة، وما سمعته من أعضاء كونغرس أميركيين بتقييم النظرة للأردن ودوره، يؤكد أن التحالف مع الأردن هو مصلحة أميركية تماما كما هو حاجةٌ أردنيةٌ.
    بالقياس على المدخلاتِ والمخرجات والسياق الطبيعي للتوقعات المستقبلية، يمكن القولُ إنه لا يوجد تغيير في ماهيةِ العلاقة بين البلدين، فالمصالحُ المشتركة ثابتةٌ، وتبدأ من كونِ الأردن نموذجا معتدلا لدولة شرق أوسطية مسلمة، ولا تنتهي بأن المملكة تقود الحربَ منذ عقود على التنظيمات الإرهابية.
    هذه هي الإجابة المنطقية لتحليل المعطيات، لكن يبقى القولُ إن الإدارةَ الأميركيةَ كثيرا ما فاجأتنا خلالَ العام الأول من وجود ترامب في البيت الأبيض، وآخرُ المفآجات التهديدُ بقطع المساعدات، وكلنا يعلمُ أن الأردنَ لا يستطيع إلا أن يكون مؤيدا للقرار، فهل هناك مزيدٌ من المفاجآتِ "الترامبيةِ".





    [21-12-2017 01:59 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع