الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    هل يفعلها ترامب؟

    يوم غد سيكون حاسما، والأردن يحبس الأنفاس بانتظار ما سيخرج من البيت الأبيض بخصوص القدس.
    ليس الأردن وحده من ينتظر ما سيخرج من جعبة الرئيس المأزوم، فالقضية عند الشارع العربي والإسلامي لا تقل حساسية عنها عند الأردنيين.
    لا أدري إن كان ترامب سيفعلها ويغض الطرف عن كل التحذيرات التي سمعها من الأردن بهذا الخصوص، في خطوة أقل ما توصف بأنها "هوجاء"، حتى عند كثير من المحللين الأميركيين الذين لم يستطيعوا فهم الحكمة من ورائها، خصوصا أن تغيير الوضع في القدس لا يتماشى مع كل الحديث عن خطة للسلام يريد ترامب إطلاقها منذ دخل البيت الأبيض وأجّل إعلانها أكثر مرة.
    خطوة إعلان القدس عاصمة لإسرائيل أو نقل السفارة الأميركية إليها تهدم جميع أحلام السلام في المنطقة، وستكون خطوة فيها من عدم العقلانية ما هو قادر على تفجير المنطقة وجرها إلى مآلات مجهولة. الأردن وضع الإدارة الأميركية بصورة الموقف، وقدم قراءة موضوعية لخطورة الخطوة، وشرَحها أكثر من مرة، لسياسيين أميركيين على جميع المستويات، وكان أحدثها خلال زيارة الملك الأخيرة للولايات المتحدة، وأيضا سمعها وزير الدفاع الأميركي في العقبة من الملك ومن قادة أفريقيين أكدوا له أن القرار سيشكل كارثة سيتعدى أثرها المنطقة.
    القرار يختمر الآن، ويبدو أن دوافع ترامب لإخراجه مرتبطة بأزمات إدارته، وحاجته الماسة لدعم اليمين الأميركي. ولا يبدو مهماً كل التحذيرات التي سمعها المسؤولون الأميركيون من الأردن.
    لكن المحبِط هو أن الأردن يبدو وكأنه يصارع وحيدا في هذا الميدان، فهو البلد العربي الوحيد الذي يرفع صوته بالتحذير من خطورة الخطوة، ويضع الموضوع الفلسطيني على رأس أولوياته، ليس الآن فحسب، بل وأيضا خلال السنوات الأخيرة، فيما تنشغل دول أخرى عن فلسطين، وتسعى، أيضا، للقفز عنها نحو أجندات خاصة للجلوس في حضن اسرائيل. بيد أن ذلك لا يعفي أحدا من المسؤولية.
    الأردن ينسّق مع الفلسطينيين والمصريين بدرجة ثانية، وبدأ باستخدام السبل الممكنة لتشكيل حراك يظهر خطورة المسألة، لكنه يدرك تماما أن المرحلة صعبة جدا وأن إعلان قرار القدس سينزل كارثة على المنطقة وشعوبها.
    مشاورات أولى بدأها الأردن لعقد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية ولمنظمة التعاون الإسلامي على المستوى الوزاري في حال اتخذت الولايات المتحدث قرارا بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو نقلت السفارة إلى القدس، فكلا الخطوتين لهما خطورة بالغة على المنطقة واستقرارها.
    الموقف الأردني عرضه أيضا وزير الخارجية أيمن الصفدي في مباحثات أجراها مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، وأشار خلالها الصفدي إلى التداعيات الخطيرة لأي قرار بهذا الخصوص في ضوء المكانة التاريخية والدينية للقدس.
    للأردن وجهة نظر وقناعة واضحة بأن القضية الفلسطينية أكثر ملفات المنطقة خطورة، ويؤمن أن السلام العادل ضرورة، ودعا على الدوام إلى عدم اتخاذ قرارات غير مدروسة وأحادية لتغيير الوضع التاريخي القائم بالفعل في القدس كمدينة محتلة يتعين تحديد مصيرها في محادثات الوضع النهائي في إطار عملية سلام شاملة، ووفق القرارات الدولية ذات الصلة وكل مرجعيات عملية السلام، بحسب ما يؤكد مسؤول أردني كبير.
    وعلى أهمية القدس ومكانتها بالنسبة للأردن، وفي ظل الوصاية الهاشمية على المقدسات، إلا أن المسؤولية جماعية، والخسائر التي ستقع من خطوة كهذه سيحملها الجميع.
    إنْ فعلها ترامب، ويبدو أنه يقترب من هذا كثيرا، فإن المنطقة ستدخل في مرحلة جديدة من التوتر والصراع والنزاعات، وستتعمق النظرة السلبية لأميركا في عقل المواطن العربي والمسلم، ولا بد عندها من أن نتوقع مزيدا من الغضب وذهاب المجتمعات باتجاه عقليات راديكالية ستجر المنطقة الى مزيد من الخراب، لن تسلم دول العالم منه.





    [06-12-2017 01:31 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع